وقصة جابر هذه سيأتي في غزوة تبوك نظيرها وهو أن حية عظيمة الخلق عارضتهم في الطريق فانحاز الناس عنها فأقبلت حتى وقفت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته طويلا والناس ينظرون إليها ثم التوت حتى اعتزلت الطريق فقامت قائمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون من هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا أحد الرهط الثمانية من الجن الذين وفدوا إلى يستمعون القرآن قال في المواهب وفى هذا رد على من زعم أن الجن لا تأكل ولا تشرب أي وإنما يتغذون بالشم أقول ذكرت في كتابي عقد المرجان فيما يتعلق بالجان أن في أكل الجن ثلاثة أقوال قيل يأكلون بالمضغ والبلع ويشربون بالازدراد والثاني لا يأكلون ولا يشربون بل يتغذون بالشم والثالث أنهم صنفان صنف يأكل ويشرب وصنف لا يأكل ولا يشرب وإنما يتغذون بالشم وهو خلاصتهم والله أعلم قال ابن مسعود فلماولوا قلت من هؤلاء قال هؤلاء جن نصيبين وفى رواية فتوارى عنى حتى لم أره فلما سطع الفجر أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أراك قائما فقلت ماقعدت فقال ماعليك لو فعلت أي قعدت قلت خشيت أن أخرج منه فقال أما إنك لو خرجت لم ترني ولم أرك إلى يوم القيامة أي وفى رواية لم آمن عليك أن يخطفك بعضهم وفيه أن الخروج لا ينشأ عن القعود حتى يخشى منه الخروج وفى رواية قال لي أنمت فقلت لا والله يا رسول الله ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس أي لما تراكموا عليك وسمعت منهم لغطا شديدا حتى خفت عليك إل أن سمعتك تقرعهم بعصاك وتقول اجلسوا وسأله عن سبب اللغط الشديد الذي كان منهم فقال إن الجن تداعت في قتيل قتل بينهم فتحاكموا إلى فحكمت بينهم بالحق وفى رواية عن سعيد بن جبير أنه أي ابن مسعود قال له أولئك جن نصيبين وكانوا اثنى عشر ألفا والسورة التي قرأها عليهم اقرأ باسم ربك أي ولا ينافي ذلك ما جاء عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه افتتح القرآن لأن المراد بالقرآن القراءة زاد ابن مسعود على ما في بعض الروايات ثم شبك أصابعه في أصابعي وقال إني وعدت أن تؤمن بي الجن والإنس أما الإنس فقد آمنت وأما الجن فقد رأيت أقول وفى هذا أن ابن مسعود لم يخرج من الدائرة التي اختطها له صلى الله عليه وسلم
(٦٦)