وجوههن ليزيد المسلمون في ثمنهن فامتنعن من كشف نقابهن ووكزن المنادى في صدره فغضب عمر رضى الله تعالى عنه وأراد أن يعلوهن بالدرة وهن يبكين فقال له على رضى الله تعالى عنه مهلا يا أمير المؤمنين فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ارحموا عزيز قوم ذل وغنى قوم افتقر فسكن غضبه فقال له على إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة فقال له عمركيف الطريق إلى العمل معهن فقال يقومن ومهما بلغ ثمنهن يقوم به من يختارهن فقومن وأخذهن على رضى الله تعالى عنه فدفع واحدة لعبد الله بن عمر فجاء منها بولده سالم وأخرى لمحمد بن أبي بكر فجاء منها بولده القاسم والثالثة لولده الحسين فجاء منها بولده على الملقب بزين العابدين وهؤلاء الثلاثة فاقوا أهل المدينة علما وورعا وكان أهل المدينة قبل ذلك يرغبون عن التسري فلما نشأ هؤلاء الثلاثة فيهم رغبوا فيه ومن غريب الانفاق ما حكاه بعضهم قال كنت أجالس سعيد بن المسيب واعجب سعيد بي يوما فقال لي من أخوالك فقلت أمي فتاة فكأني نقصت من عينه فأنا عنده إذ دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر فلما خرج من عنده قلت له يا عم من هذا قال سبحان الله أتجهل مثل هذا من قومك هذا سالم بن عبد الله بن عمر قلت فمن أمه قال فتاه ثم دخل القاسم بن محمد فجلس عنده ثم نهض فلما خرج قلت يا عم من هذا قال ما أعجب أمرك أتجهل مثل هذا هذا القاسم بن محمد بن أبي بكر قلت فمن أمه قال فتاه ثم دخل عليه علي بن حسين فجلس ثم نهض فلما خرج قلت له من هذا قال عجبت منك أتجهل مثل هذا هذا على زين العابدين بن الحسين قلت فمن أمه قال فتاة قلت يا عمى رأيتني نقصت من عينك لما علمت أن أمي فتاة فما لي في هؤلاءأسوة فقال أجل وعظمت في عينه جدا ولما رجع سراقة صار يرد عنهم الطلب لا يلقى أحدا إلا رده يقول سيرت أي اختبرت الطريق فلم أر أحدا وفى لفظ قال لقريش أي لجماعة منهم قصدوه صلى الله عليه وسلم كأنهم أخبروا بمكان مسيره ذلك قد عرفتم بصرى بالطريق وقد سرت فلم أر شيئا فرجعوا أي فإن كفار قريش لما سمعوا من الهاتف أي ومن غيره بأنه صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم نزل في خيمة أم معبد كما سيأتي أرسلوا سرية في طلبه يقول قائلهم اطلبوه قبل أن يستعين عليكم بكلبان العرب فيحتمل أن هؤلاء هم الذين ردهم سراقة
(٢٢٢)