السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٢١٨
رادهم عنكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر قل له ماذا تبتغى فوقفوا فأخبرتهم بما تريد الناس منهم وفى رواية قال يا محمد ادع الله أن يطلق فرسى وأرجع عنك وأرد من ورائي وفى رواية قال ياهذان ادعوا لي الله ربكما ولكما أن لا أعود ففعل أي دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق الفرس وحينئذ يكون زجره لها ونهوضها بعد الدعاء فلا مخالفة قال فركبت فرسى أي بعد نهوضها حتى جئتهم فقلت إن قومك جعلوا فيك الدية أي مائة من الإبل لمن قتلك أو أسرك وهذا هو المراد بقوله في الرواية السابقة فأخبرتهم بما يريد الناس منهم وكأنه رأى أن ذلك كاف في لحوقه بهم عن ذكر أبى بكر قال سراقة وعرضت عليهما الزاد والمتاع فلم يفبلا وقالا أخف عنا أي وفى رواية عرضت عليهما الزاد والحملان أي ولعل الحملان هو المراد بالمتاع أي لأنه جاء أنه قال لهما خذا هذا السهم من كنانتي وغنمى وإبلى بمحل كذا وكذا فخذا منهما ما شئتما فقالا اكفنا نفسك فقال كفيتماها أقول وفى رواية قال له صلى الله عليه وسلم يا سراقة إذا لم ترغب في دين الإسلام فإني لا أرغب في إبلك ومواشيك وفى رواية عن أبي بكر رضي الله عنه قال لما أدركنا سراقة قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا * (لا تحزن إن الله معنا) * أي وقد تقدم أنه قال ذلك له في الغار فلما كان بيننا وبينه قيد أي مقدار رمح أو ثلاثة قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت قال لم تبكى قلت أما والله ما على نفسي أبكى ولكن أبكى عليك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اكفناه بما شئت فساخت به فرسه في الأرض إلى بطنها وكانت الأرض صلبة أي ولا يخالف ما سبق أنها بلغت الركبتين لجواز أن يكون ذلك في أول أمرها ثم صارت إلى بطنها وذلك كله في المرة الأولى فلا يخالف ما في الإمتاع لما قرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساخت يدا فرسه في الأرض إلى بطنها فقال ادع لي يا محمد أن يخلصني الله تعالى ولك على أن أرد عنك الطلب فدعا فخلص فعاد فتبعهم فساخت قوائم فرسه في الأرض أشد من الأولى فقال يا محمد قد علمت أن هذا من دعائك على الحديث إذ هو يدل على أنها في المرة الأولى وصلت إلى بطنها وفى الثانية وصلت إلى ما هو زائد على ذلك وقد يدل له ما يأتي عن الهمزية ولعل المراد أنه دخل جزء من بطنها في الأرض
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»