ما جاء عن خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه أنه قال لما أراد الله عز وجل ما أراد بي من الخير قذف في قلبي الإسلام وحضر لي رشدي وقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد صلى الله عليه وسلم فليس موطن أشهده إلا انصرف وأنا أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمدا صلى الله عليه وسلم يظهر فلما جاء صلى الله عليه وسلم لعمرة القضاء تغيبت ولم أشهد دخوله فكان أخي الوليد بن الوليد دخل معه صلى الله عليه وسلم فطلبني فلم يجدني فكتب إلي كتابا فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وقلة عقلك ومثل الإسلام يجهله أحد قد سألني عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين خالد فقلت يأتي الله به فقال ما مثله يجهل الاسلام ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له ولقد مناه على غيره فاستدرك يا أخي ما فاتك فقد فاتك مواطن صالحة فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرتني مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة فلما اجتمعنا للخروج إلى المدينة لقيت صفوان فقلت يا أبا وهب أما ترى أن محمدا صلى الله عليه وسلم ظهر على العرب والعجم فلو قدمنا عليه فاتبعناه فإن شرفه شرف لنا قال لو لم يبقى غيري ما اتبعته أبدا قلت هذا رجل قتل أبوه وأخوه ببدر فلقيت عكرمة بن أبي جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان فقال مثل الذي قال صفوان قلت فاكتم ذكر ما قلت لك قال لا أذكره ثم لقيت عثمان بن طلحة أي الحجبي قلت هذا لي صديق فأردت أن أذكر له ثم ذكرت من قتل من آبائه أي قتل أبيه طلحة وعمه عثمان أي وقتل اخوته الأربع مسافع والجلاس والحارث وكلاب كلهم قتلوا يوم أحد كما تقدم فكرهت أن أذكر له ثم قلت وما علي فقلت له إنما نحن بنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج ثم قلت له ما قلته لصفوان وعكرمة فأسرع الإجابة فواعدني إن سبقني أقام في محل كذا وإن سبقته إليه أنتظرته فلم يطلع الفجر حتى التقينا فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة اسم محل فنجد عمرو بن العاص بها فقال مرحبا بالقوم فقلنا وبك أين مسيركم قلنا الدخول في الإسلام قال وذلك الذي أقدمني وفي لفظ قال عمرو الخالد يا أبا سليمان أين تريد قال والله لقد استقام الميسم أي تبين الطريق وظهر الأمر وإن هذا الرجل
(٧٧٧)