السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٧٥٦
فإنهما فتحا صلحا على حقن دماء المقاتلة وترك الذرية لهم بشرط أن لا يكتموه شيئا من أموالهم وأن من كتم شيئا انتقض ذلك الصلح له بالنسبة لدمه وذراريه وهذان الحصنان هما المرادان بالكثيبة في قول بعضهم كان صلى الله عليه وسلم يطعم من الكثيبة أهله لما علمت أنهما من حصونها وأنهما وما فيهما مما أفاء الله عليه وكونه صلى الله عليه وسلم كان يطعم أهله مما فيهما واضح وأما إذا كان المراد يطعم من الأرض والنخيل المتعلقتين بالحصنين فقد يتوقف فيه لما تقدم أن أرض خيبر ونخلها غنيمة وذلك شامل للأرض والنخيل المتعلقين بالحصنين فليتأمل والله أعلم وفى لفظ وقدم عليه صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من أرض الحبشة ومعه الأشعريون أبو موسى الأشعري وأخوه أبو رهم وأبو بردة رضي الله عنهم وكان أبو موسى أصغرهم وأقواهم وكان قوم جعفر بالحبشة أي لأنهم هاجروا إلى الحبشة من اليمن كما تقدم وقبل قدومهم إليه صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم يقدم عليكم قوم هم أرق منكم قلوبا فقدم الأشعريون وذكر أنهم عند مجيئهم صاروا يقولون * غدا نلقى الأحبة * محمد وحزبه * وفى كلام بعضهم ما يفيد أنه صلى الله عليه وسلم قال في حقهم أتاكم أهل اليمن هم أضعف قلوبا وأرق أفئدة الفقه يمان والحكمة يمانية ولما أقبل عليه صلى الله عليه وسلم جعفر رضي الله عنه قام صلى الله عليه وسلم إلى جعفر وقبله بين عينيه وفي رواية قبل جبهته من أرض الحبشة اعتنقه النبي صلى الله عليه وسلم وقبله بين عينيه وجعل ذلك أصلا لاستحباب المعانقة وقال بعضهم إنها مكروهة وحديث جعفر يحتمل أن يكون قبل النهى عنها فإنه نهى عن المعاكمة وهى المعانقة وحمل ذلك بعضهم على ما إذا كانت المعانقة من غير حائل أقول لم يجب بذلك سيدنا مالك رضي الله عنه فإنه لما قدم عليه سفيان بن عيينة رضي الله عنه صافحه مالك وقال له لولا أنها بدعة لعانقتك فقال له سفيان قد عانق من هو خير منك ومنى النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك تعنى جعفر بن أبي طالب
(٧٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 751 752 753 754 755 756 757 758 759 760 761 ... » »»