السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٧٤٥
وظاهر إطلاق قول الروضة من الفىء ما صولح عليه أهل بلد من الكفار أنه وإن كان بعد محاصرتهم ومقاتلتهم للمسلمين في حال حصارهم برمى الحجارة أو النبل وفى فتح الباري نقلا عن ابن عبد البر أنه جزم بأن حصون خيبر فتحت عنوة وإنما دخلت الشبهة على من قال فتحت صلحا بالحصنين اللذين أسلمهما أهلهما لحقن دمائهم وهو ضرب من الصلح لكن لم يقع ذلك إلا بحصار وقتال هذا كلامه فليتأمل فإن بالقتال يخرج عن كونه فيئا ولعل المراد قتال بالنبل ورمى بالحجارة وإلا فقد تقدم أنه لم يخرج منهما أحد للمقاتلة فليتأمل فإن كلامه يقتضى أن بالحصار وبالقتال بنحو النبل يخرج ذلك عن كونه فيئا له صلى الله عليه وسلم ويكون غنيمة ولعله مذهب المالكية الذي هو مذهب ابن عبد البر رحمه الله تعالى وفى الأصل عن ابن شهاب رحمه الله أنه قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال هذا كلامه فظاهره أن القتال وقع من الذين جلوا في حال حصارهم وإلا فقد علمت أن الذين جلوا لم يخرج أحد منهم للقتال في حال حصارهم وسيأتي مايصرح بأن ماجلوا عنه فىء لا غنيمة ووجدوا في الحصنين المذكورين مائة درع وأربعمائة سيف وألف رمح وخمسمائة قوس عربية بجعابها أي ووجدوا في أثناء الغنيمة صحائف متعددة من التوراة فجاءت يهود تطلبها فأمر صلى الله عليه وسلم بدفعها إليهم وهو يخالف ما قاله أئمتنا أن كتبهم التي يحرم الانتفاع بها لكونها مبدلة تمحى إن أمكن أو تمزق وتجعل في الغنيمة فتباع إلا أن يدعى أن تلك الصحف لم تكن مبدلة وغيبوا الجلد الذي كان فيه حلى بنى النضير أي وعقود الدر والجوهر الذي جلوا به لأنهم لما جلوا كان سلام بن أبي الحقيق رافعا له ليراه الناس وهو يقول بأعلى صوته هذا أعددناه لرفع الأرض وخفضها كما تقدم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعيه ابن عمرو أي وهو عم حيى بن أخطب وفى لفظ سعيه بن سلام بن أبي الحقيق وفى الإمتاع وسأل صلى الله عليه وسلم كنانة بن أبي الحقيق أين مسك أي جلد حيى ابن أحطب أي وإنما نسب إليه الجلد المذكور فقيل كنز حيى لأن حييا كان عظيم بنى النضير وإلا فهو لا يكون إلا عند بنى الحقيق فقال أذهبته الحروب والنفقات
(٧٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 740 741 742 743 744 745 746 747 748 749 750 ... » »»