السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٥٠
وأنكره اللسان مخافة الشنآن أي البغض وهو لغة في الشنآن وأيم الله كأني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل البر في الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه وأبعدهم منه أحظاهم عنده قد محضته العرب ودادها وأعطته قيادها دونكم يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة والله لا يسلك أحد منكم سبيله إلا رشد ولا يأخذ حد بهديه إلا سعد وفى لفظ آخر أنه لما حضرته الوفاة دعا بنى عبد المطلب فقال لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد وما اتبعتم أمره فأطيعوه ترشدوا ولما مات أبو طالب نالت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم من الأذى مالم تكن تطمع فيه في حياة أبى طالب حتى إن بعض سفهاء قريش نثنر على رأس النبي صلى الله عليه وسلم التراب فدخل صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه فقامت إليه بعض بناته وجعلت تزيله عن رأسه وتبكى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها لا تبكى لا تبكى يا بنية فإن الله تعالى مانع أباك وكان صلى الله عليه وسلم يقول ما نالت قريش منى شيئا أكرهه أي أشد الكراهة حتى مات أبو طالب وتقدم وسيأتي بعض ما أوذوى به قال ولما رأى قريشا تهجموا قال يا عم ما أسرع ما وجدت فقدك ولما بلغ أبا لهب ذلك قام أبو لهب بنصرته أياما وقال له يا محمد امض لما أردت وما كنت صانعا إذا كان أبو طالب حيا فاصنعه لا واللات والعزى لا يوصل إليك حتى أموت واتفق أن ابن العطيلة أي وهو أحد المستهزئين المتقدم ذكرهم سب النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه أبو لهب ونال منه فولى وهو يصيح يا معشر قريش صبا أبو عتبة يعنى أبا لهب فأقبلت قريش على أبى لهب وقالوا له أفارقت دين عبد المطلب فقال ما فارقت وفى لفظ قالوا له أصبوت قال ما فارقت دين عبد المطلب ولكن أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضى لما يريد قالوا قد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك أياما لا يتعرض له أحد من قريش وهابوا أبا لهب إلى أن جاء أبو جهل وعقبة بن أبي معيط إلى أبى لهب فقالا له أخبرك
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»