وعبر فيه بالماضي مبالغة في تحققه وهذا كما لا يخفى بالنسبة للآخرة لا بالنسبة لأحكام الدنيا ومن ثم لما شرب قدامة بن مظعون الخمرة في أيام عمر جلده وكان بدريا أي وقد يقال هذا يقتضي وجوب التوبة في الدنيا فإذا لم تقع لا يؤاخذ بذلك في الآخرة لأن وجوب التوبة من أحكام الدنيا لا يقال إذا سلم أن الذنب إذا وقع منهم يقع مغفورا لا معنى لوجوب التوبة وإنما حد عمر رضي الله تعالى عنه قدامة زجرا عن شرب الخمر لأنا نقول بل لوجوب التوبة في الدنيا معنى وإن كان الذنب إذا وقع يقع مغفورا لأن المراد بذلك عدم المؤاخذة في الآخرة وذلك لا ينافي وجوب التوبة عنه في الدنيا لأنه لا تلازم بين وجوب التوبة في الدنيا وبين غفران الذنب في الآخرة هذا وفي الخصائص الصغرى نقلا عن شرح جمع الجوامع أن الصحابة كلهم لا يفسقون بارتكاب ما يفسق به غيرهم وقدامة هذا كان متزوجا أخت عمر رضي الله تعالى عنه وكان عمر متزوجا بأخت قدامة وهي أم حفصة رضي الله تعالى عنها فكان خالا لحفصة ولأخيها عبد الله وكان عاملا لعمر في بعض النواحي أي البحرين فقدم الجارود سعد بن عبد القيس على عمر من البحرين وكان قدامة واليا عليها فأخبر عمر أن قدامة سكر قال وإني رايت حدا من حدود الله حق على أن أرفعه إليك فقال له عمر من يشهد معك قال أبو هريرة فشهد أبو هريرة رضي الله عنه أنه رآه سكران أي قال لم أره يشرب ولكني رأيته سكران يقيء فأحضر قدامة فقال له الجارود أقم عليه الحد فقال له عمر رضي الله عنه أخصم أنت أم شاهد فصمت ثم عاوده فقال له عمر رضي الله عنه لتمسكن أو لأسوءنك فقال ليس في الحق وفي لفظ أما والله ما ذلك بالحق أن يشرب ابن عمك وتسوءني فأرسل عمر رضي الله عنه إلى زوجة قدامة أي بعد أن قال له أبو هريرة رضي الله عنه إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنه الوليد يعني زوجته فجاءت فشهدت على زوجتها بأنه سكر فقال عمر لقدامة أريد أن أحدك فقال ليس لك ذلك لقول الله عز وجل * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) * فقال له عمر أخطأت التأويل فإن بقية الآية * (إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات) * فإنك إن اتقيت اجتنبت ما حرم الله تعالى عليك ثم أمر به فحد فغاضبه قدامة ثم حجا جميعا ففي يوم استيقظ عمر رضي الله تعالى عنه من نومه
(٤٦٨)