السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٩
غزوة السويق لما أصاب قريشا في بدر ما أصابهم نذر أبو سفيان أن لا يمس رأسه ماء من جنابة أي لا يأتي النساء ولعل هذه العبارة وهي لا يمس رأسه من جنابة وقعت من بعض الصحابة مراده بها ما ذكر من أنه لا يأتي النساء ويؤيده ما جاء في بعض الروايات لا يمس النساء والطيب حتى يغزو محمدا أو أن ذلك قاله أبو سفيان بناء على أنهم كانوا يغتسلون من الجنابة ومن ثم ذكر الدميري أن الحكمة في عدم بيان الغسل في آية الوضوء كون الغسل من الجنابة كان معلوما قبل الاسلام بقية من دين إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام فهو من الشرائع القديمة وفي كلام بعضهم كانوا في الجاهلية يغتسلون من الجنابة ويغسلون موتاهم ويكفنونهم ويصلون عليهم وهو أن يقوم وليه بعد أن يوضع على سريره ويذكر محاسنه ويثني عليه ثم يقول عليك رحمة الله ثم يدفن وما ذكره الدميري تبع فيه السهيلي حيث قال إن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية بقية من دين إبراهيم وإسماعيل كما بقي فيهم الحج والنكاح فكان الحدث الأكبر معروفا عندهم ولذلك قال تعال * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * فلم يحتاجوا إلى تفسيره وأما الحدث الأصغر فلما لم يكن معروفا عندهم قبل الاسلام لم يقل وإن كنتم محدثين فتوضئوا بل قال فاغسلوا الآية الآية فخرج أبو سفيان في مائتي راكب من قريش ليبر بيمينه حتى نزل بمحل بينه وبين المدينة نحو بريد ثم اتى لبني النضير أي وهم حي من يهود خيبر ينسبون إلى هارون أخي موسى بن عمران عليهما الصلاة والسلام تحت الليل فأتى حيي بن أخطب أي وهو من رؤساء بني النضير وهو أبو صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها فضرب عليه بابه فأبى أن يفتح له لأنه خافه فانصرف عنه وجاء إلى سلام بن مشكم سيد بني النضير أي وصاحب كنزهم أي المال الذي كانوا يجمعونه ويدخرونه لنوائبهم وما يعرض لهم أي وكان حليا يعيرونه لأهل مكة فاستأذن عليه فأذن له واجتمع به ثم خرج إلى أصحابه فبعث رجالا من قريش فأتوا ناحية من المدينة فحرقوا فخلا منها ووجدوا رجلا
(٤٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 474 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 ... » »»