السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٧٠
وكان صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر ويقدمهم على غيرهم ومن ثم جاء جماعة من أهل بدر للنبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في صفة ضيقه ومعه جماعة من أصحابه فوقفوا بعد أن سلموا ليفسح لهم القوم فلم يفعلوا فشق قيامهم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمن لم يكن من أهل بدر من الجالسين قم يا فلان قم يا فلان بعدد الواقفين فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجه من أقامه فقال رحم الله رجلايفسح لأخيه فنزل قوله تعال * (يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا) * الأية فجعلوا يقومون لهم بعد ذلك أي ولعل المراد يجلسونهم مكانهم وفي الخصائص الصغرى وخص أهل بدر من أصحابه صلى الله عليه وسلم بأن يزادوا في الجنازة على أربع تكبيرات تمييزا لهم لفضلهم وقد ذكر أن عمر بن عبد العزيز بن مروان كان يختلف إلى عبيد الله بن عبد الله ليسمع منه فبلغ عبيد الله أن عمر ينتقص عليا رضي الله تعال عنه فأتاه عمر فأعرض عبيد الله عنه وقام ليصلى فجلس عمر ينتظره فلما سلم أقبل عليه وقال له متى بلغك أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم ففهمها عمر وقال معذر إلى الله وإليك والله لا أعود فما سمع بعد ذلك يذكر عليا كرم الله وجهه إلا بخير غزوة بني سليم ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من بدر لم يقم إلا سبع ليال حتى غزا بنفسه يريد بني سليم واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري أو ابن أم مكتوم أي وفي رواية أبي داود أن استخلاف ابن أم مكتوم إنما كان على الصلاة بالمدينة دون القضايا والاحكام فإن الضريرا لا يجوز له ان يحكم بين الناس لأنه لا يدرك الاشخاص ولا يثبت الأعيان ولا يدري لمن يحكم ولا على من يحكم أي فأمر القضايا والاحكام يجوز أن يكون فرضه صلى الله عليه وسلم لسباع فلا مخالفة فلما بلغ ماء من مياههم يقال له الكدر أي وقيل لهذا الماء الكدر لان به طيرا في ألوانها كدرة فأقام صلى الله عليه وسلم على ذلك ثلاث ليال ثم رجع إلى المدينة ولم يلق حربا أي وكان لواؤه صلى الله عليه وسلم أبيض حمله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
(٤٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 ... » »»