السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٣
وفي رواية كان عيسى صلوات الله وسلامه عليه إذا حدث له من الله نعمة ازداد تواضعا فلما أحدث الله تعالى نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم أحدثت هذا التواضع وفي رواية إنا نجد في الإنجيل أن الله سبحانه وتعالى إذا أحدث بعبده نعمة وجب على العبد أن يحدث لله تواضعا وإن الله قد أحدث إلينا وإليكم نعمة عظيمة الحديث قال ولما أوقع الله تعالى بالمشركين يوم بدر واستاصل وجوههم قالوا إن ثأرنا بأرض الحبشة فلنرسل إلى ملكها ليدفع إلينا من عنده من أتباع محمد فنقتلهم بمن قتل منا فأرسلوا عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة رضي الله تعالى عنهما فإنهما أسلما بعد ذلك إلى النجاشي ليدفع إليهما من عنده من المسلمين فأرسلوا معهما هدايا وتحفا للنجاشي فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري بكتاب يوصيه فيه على المسلمين انتهى وفي الأصل هنا ما يوافقه وفيه أن عمرو بن أمية الضمر لم يكن أسلم بعد أي لأنه كما في الأصل شهد بدر وأحدا مع المشركين وأول مشهد شهده مع المسلمين بئر معونة واسر في ذلك وجزت ناصيته واعتق وكان ذلك في سنة أربع كما سيأتي قال فلما وصل عمرو وعبد الله إلى النجاشي ردهما خائبين أي فعن عمرو بن العاص قال دخلت على النجاشي فسجدت له فقال مرحبا بصديقي أهديت لي من بلادك شيئا فقلت نعم أيها الملك أهديت لك أدما كثيرا ثم قربته إليه فأعجبه وفرق منه أشياء بين بطارقته وأمر بسائره فأدخل في موضع وامر ان يكتب ويتحفظ به قال عمرو فلما رأيت طيب نفسه قلت أيها الملك إني رأيت رجلا خرج من عندك يعني عمرو بن أمية الضمري وهو رسول عدو لنا وترنا وقتل أشرافنا وخيارنا فأعطنيه فأقتله فغضب ثم رفع يده فضرب بها أنفى ضربة ظننت أنه قد كسره فجعلت أتقي الدم بثيابي وفي رواية ثم رفع يده فضرب بها أنف نفسه ظننت أنه قد كسر وقد يجمع بوقوع الأمرين منه وعند ذلك قال عمرو فأصابني من الذل ما لو انشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقا منه ثم قلت أيها الملك لو ظننت أنك تكره ما قلت ما سألتكه فقال يا عمرو تسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى والذي كان يأتي عيسى ابن مريم لتقتله قلت وتشهد أنت أيها الملك أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٤٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 468 ... » »»