السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦١
ومن ثم قيل في العباس هذاوالله هو الشرف يطعم الجائع ويؤدب السفيه فإن طعامه كان لفقراء بني هاشم وقيل وسوطه معد لسفهائهم وإذا كان ذلك لسفهاء بني هاشم فلسفهاء غيرهم بطريق الأولى والظاهر أن ذلك لا يختص بسكونهم في المسجد كما قد يدل عليه الرواية الأولى ولا ينافي هذا أي قول عمر له أسلم إلى أخره ما تقدم عن مولاه أبي رافع من أن العباس كان مسلما ومن قوله للنبي صلى الله عليه وسلم إنه كان مسلما ومن إتيانه بالشهادتين عنده صلى الله عليه وسلم لأن ذاك لم يظهره علانية بل أظهره له صلى الله عليه وسلم فقط ولم يعلم به عمر ولا غيره ولم يظهر النبي صلى الله عليه وسلم إسلام العباس رفقا به لما تقدم أن العباس كان له ديون متفرقة في قريش وكان يخشى إن أظهر إسلامه ضاعت عندهم ومن ثم لما قهرهم الإسلام يوم فتح مكة أظهر إسلامه أي فلم يظهر إسلامه إلا يوم الفتح وكان كثيرا ما يطلب الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكتب له مقامك بمكة خير لك أي وفي رواية استأذن العباس رضي الله تعالى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة فكتب إليه يا عم أقم مكانك الذي أنت فيه فإن الله عز وجل يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة فكان كذلك وفي رواية أنه قال لابن عمه نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أفد نفسك يا نوفل ما لي شيء أفدي به نفسي قال أفد نفسك من مالك الذي يجدة وفي لفظ بارماحك التي بجدة فقال أشهد أنك رسول الله والله ما أحد يعلم أن لي بجدة أرماحا غير الله أي وفدى نفسه ولم يفده العباس ويدل لذلك ما رواه البخاري عن انس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بمال من البحرين أي من خراجهما فقال انثروه في المسجد فكان أكثر مال أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أي كان مائة ألف وكان أول خراج حمل إليه صلى الله عليه وسلم وكان يأتي في كل سنة وحينئذ لا يعارض هذا قوله صلى الله عليه وسلم لجابر لو قد جاء مال البحرين أعطيتك فلم يقدم مال البحرين حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن المراد أنه لم يقدم
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»