السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٦٢
في تلك السنة ولما نثر ذلك المال في المسجد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ولم يلتفت إليه فلما قضى الصلاة جاء فجلس إليه فكان لا يرى أحدا إلا أعطاه فجاءه العباس فقال يا رسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلا أي ولم يقل نوفلا ولا حليفه عتبة بن عمرو فقال خذ فحثى في ثوبه ثم ذهب يقله فلم يستطع فقال مر بعضهم يرفعه إلي قال لا قال فارفعه أنت على قال لا فنثر منه ولا زال يفعل كذلك حتى بقي ما يقدر على رفعه على كاهله أي بين كتفيه ثم انطلق وهو يقول إنما أخذت ما وعد الله فقد أنعلى قتال المسلمين أنجز فما زال صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره عجبا من حرصه حتى خفى ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من الأسارى بغير فداء منهم أبو عزه عمرو الجمحي الشاعر كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين بشعره فقال يا رسول الله إني فقير وذو عيال وحاجه قد عرفتها فا منن علي فمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي وفي رواية قال له إن لي خمس بنات ليس لهن شيء فتصدق بي عليهن ففعل وأعتقه وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحدا أي ولما وصل إلى مكة قال سحرت محمدا ولما كان يوم أحد خرج مع المشركين يحرض على قتال المسلمين بشعره فأسر وقتل صبرا وحملت رأسه إلى المدينة كما سيأتي أي فعلم أن أسرى بدر منهم من فدى ومنهم من خلى سبيله من غير فداء وهو أبو العاص أبو عزة ووهب بن عمير ومنهم من مات ومنهم من قتل وهو النضر ابن الحارث وعقبة بن أبي معيط كما تقدم ولما بلغ النجاشي نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر فرح فرحا شديدا فعن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أن النجاشي أرسل إليه وإلى أصحابه الذين معه بالحبشة ذات يوم فدخلوا عليه فوجدوه جالسا على التراب لابسا أثوابا خلقة فقالوا له ما هذا أيها الملك فقال لهم إني أبشركم بما يسركم إنه قد جاءني من نحو أرضكم عين لي فأخبرني أن الله عز وجل قد نصر نبيه وأهلك عدوه فلانا وفلانا وعدد جمعا التقوا بمحل يقال له بدر كثير الأراك كنت أرعى فيه غنما لسيدي من بني ضمرة فقال له جعفر ما لك جالس على التراب عليك هذه الأخلاق قال إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى أن حقا على عباد الله أن يحدثوا لله عز وجل تواضعا عندما أحدث لهم نعمة
(٤٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 467 ... » »»