وفي مسلم والترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذهم الفداء أي للعذاب الذي كاد أن يقع على أصحابك لأجل أخذهم الفداء أي إرادة أخذه لقد عرض علي عقابهم أدنى أي أقرب من هذه الشجرة لشجرة قريبة منه صلى الله عليه وسلم وأنزل الله تعالى * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * الآيات أقول قال بعضهم في هذه الآيات دليل على أنه يجوز الإجتهاد للأنبياء لأن العتاب الذي في الآيات لا يكون فيما صدر عن وحي ولا يكون فيما كان صوابا وإذا أخطئوا لا يتركون عليه بل ينبهون على الصواب وأجاب ابن السبكي رحمه الله بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم أي ما كان هذا لنبي غيرك ولا يخفى عليك ما فيه وفي كلام بعضهم ما يقتضي أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام غير نبينا صلى الله عليه وسلم يجوز أن يقروا على الخطأ لأن من بعد من يخطئ منهم يبين خطأه بخلاف نبينا صلى الله عليه وسلم لا نبي بعده يبين خطأه فلا يقر على الخطأ وفيه أن بعد نبينا عليه الصلاة والسلام عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه يوحي إليه ونظر بعضهم في وقوع الخطأ من الأنبياء واستمرارهم عليه بأنه غير لائق بمنصب النبوة لأن وجود من يستدرك الخطأ لا يدفع مقتضيه وفيه جواز وقوع الخطأ والعمل به قبل مجيء الاستدراك وتقدم جواز الإجتهاد له مطلقا لا في خصوص الحرب واستثناء عمر ربما يفيد أن جميع الصحابة رضي الله تعالى عنهم وافقوا أبا بكر على أخذ الفداء وخالفوا عمر مع أنه تقدم قريبا أن سعد بن معاذ كره ذلك قبل عمر فقد تقدم أن المسلمين لما وضعوا أيديهم يأسرون رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد بن معاذ فوجد في وجهه الكراهية لما يصنع القوم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله تعالى بأهل الشرك فكان الإثخان في القتل أحب إلي من
(٤٤٩)