وفي كلام بعضهم كان صلى الله عليه وسلم دعا على الأسود هذا بأن يعمي الله تعالى بصره ويثكل ولده فاستجاب الله تعالى له سبق العمى إلى بصره أولا ثم أصيب يوم بدر بمن نعاه من ولده أي وهو زمعة وهو أحد الثلاثة الذين كان يقال لكل واحد منهم زاد الراكب كما تقدم وأخوه عقيل والحارث فإنهما قتلا كافرين ببدر فتمت إجابة الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا به قد سمع صوت باكية بالليل فقال لغلامه أنظر هل أحل النحب أي البكاء هل بكت قريش على قتلاهم لعلي أبكي فإن جوفي قد احترق فلما رجع الغلام قال إنما هي امرأة تبكي على بعير لها أضلته فأنشد من أبيات * أتبكي أن يضل لها بعير * ويمنعها من النوم السهود * فلا تبكي على بكر ولكن * على بدر تقاصرت الجدود * والسهود بضم السين المهملة عدم النوم والبكر الفتى من الإبل والجودود بضم الجيم جمع جد بفتحها وهو الحظ والسعد وبعد هذين البيتين بيت آخر وهو * ألا قد ساد بعدهمو رجال * ولولا يوم بدر لم يسودوا * يعرض بأبي سفيان فإنه رأس قريش قال وقد جاء في بعض الروايات اختلاف الصحابة فيما يفعل بالأسرى لما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترون في هؤلاء الأسرى إن الله قد مكنكم منهم أي وقد يخالف هذا ما سبق من قوله إن من أسر أسيرا فهو له وقد يقال لا مخالفة لأن معنى كونه له أنه مخير فيه بين قتله وأخذ فدائه ولعله لا يخالف ما تقدم أنه صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل النضر قال المقداد رضي الله تعالى عنه وكان أسره يا رسول الله أسيري فقال له إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول وفي رواية استشار صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليا أي وفي رواية أبا بكر وعمر وعبد الله بن جحش فيما هو الأصلح من الأمرين القتل وأخذ الفداء فقال أبو بكر رضي الله تعالى عنه يا رسول الله أهلك وقومك وفي رواية هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان قد أعطاك الله الظفر ونصرك عليهم أرى أن تستبقيهم وتأخذ الفداء منهم فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار وعسى الله أن يهديهم بك فيكونون لنا عضدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقول يا ابن الخطاب قال يا رسول الله قد كذبوك وأخرجوك وقاتلوك ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان قريب
(٤٤٦)