وحجهم ولا تكليف عليهم في ذلك لانقطاع التكليف بالموت بل من قبيل التكرمة ووقع الدرجات هذا كلامه ولعل مستنده في إثبات ما عدا الصلاة والحج للأنبياء قياسهم على الشهداء وقد علمت ما فيه وإثبات الخلاف الذي ذكره شيخنا في نكاح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا أدري هل هو خلاف أهل عصره أو من تقدمهم على أن إثبات النكاح للأنبياء عليهم الصلاة والسلام ربما يبعده ما ذكروه في حكمة قوله صلى الله عليه وسلم حبب إلي من دنياكم النساء والطيب حيث لم يقل من دنياي ولا من الدنيا فإنه أشار بهذه الإضافة إلى أن النساء والطيب من دنيا الناس لأنهم يقصدونهما للإستلذاذ وحظوظ النفس وهو عليه الصلاة والسلام منزه عن ذلك وإنما حبب إليه النساء لينقلن عنه محاسنه ومعجزاته الباطنة والأحكام السرية التي لا يطلع عليها غالبا غيرهن وغير ذلك من الفوائد الدينية وحبب إليه الطيب لملاقاته للملائكة لأنهم يحبونه ويكرهون الريح الخبيث لأن حقيقة الإكرام أن يحصل له في البرزخ ما كان يلتذ به في الدنيا ليكون حاله فيه كحاله في الدنيا وفيه أن الحكمة المذكورة لا تناسب قوله صلى الله عليه وسلم فضلت على الناس بأربع وعد منها كثرة الجماع وهم كغيرهم في هذا التعلق متفاوتون بحسب مقاماتهم وإنه يعبر عن قوة هذا التعلق بعود الحياة ومنه ما ذكر عن قتادة وتعود الروح ومنه قول بعضهم أرواح الأنبياء والشهداء بعد خروجها من أجسادها تعود إلى تلك الأجسام في القبر وأذن لهم في الخروج من قبورهم والتصرف في الملكوت العلوي والسفلي ومن ثم قال ابن العربي رحمه الله تعالى رؤية المصطفى عليه الصلاة والسلام بصفته العلوية إدراك له على الحقيقة وعلى غير صفته العلوية إدراك للمثال ويعبر عنه بردها ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسلم علي إلا رد الله تعالى علي روحي حتى أرد عليه السلام أي إلا قوى تعلق روحي وذلك إكراما لهذا المسلم حيث لا يرد عليه سلامه إلا وقد قوى تعلق روحه الشريفة بجسده الشريف والروح بناء على أنها غير عرض مع كونها في مقاماتها لها تعلق بجسدها وبما يبقى منه كما تقدم كالشمس في السماء الرابعة ولها تعلق بالأرض وربما عبر عن ضعف هذا التعلق بصعودها وطلوعها وبناء على أنها عرض تزول ويعود مثلها وقد أوضحت ذلك في النفحة العلوية في الأجوبة
(٤٣٤)