السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٠
ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتلى من المشركين أن ينقلوا من مصارعهم التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وجودها فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر يقول هذا مصرع عتبة بن ربيعة وهذا مصرع شيبة بن ربيعة وهذا مصرع أمية بن خلف وهذا مصرع أبي جهل بن هشام وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالى أي ويضع صلى الله عليه وسلم يده الشريفة على الأرض فما تنحى أحدهم عن موضع يده كما تقدم عن أنس وتقدم عنه أن ذلك كان ليلة بدر بعد أن وصل إلى محل الواقعة إذ لا يتصور وضع يده على الأرض إلا إذا كان بمحل الوقعة وبه يعلم ما ذكره بعضهم أن إخباره صلى الله عليه وسلم بمصارع القوم تكرر منه مرتين قبل الوقعة بيوم أو أكثر ويوم الوقعة هذا كلامه إلا أن يقال قوله يوم الوقعة هو بناء على أنه صلى الله عليه وسلم وصل بدرا في النهار والقول بأن ذلك كان ليلا بناء على أنه وصل بدرا ليلا ومعلوم أنه إنما وضع يده في محل الوقعة ثم أمر صلى الله عليه وسلم أن يطرحوا فطرحوا في القليب إلا ما كان من أمية بن خلف فإنه انتفخ في درعه فملأه فذهبوا ليحركوه فتزايل أي تقطعت أوصاله فأقروه وألقوا عليه ما غيبه من التراب والحجارة وهذا دليل على أن الحربي لا يجب دفنه وبه قال أئمتنا بل قالوا يجوز إغراء الكلاب على جيفته وفي سنن الدارقطني كان من سنته صلى الله عليه وسلم في مغازيه إذا مر بجيفة إنسان أمر بدفنه لا يسأل عنه مؤمنا كان أو كافرا أي ولكثرة جيف الكفار كره صلى الله عليه وسلم أن يشق على أصحابه أن يأمرهم بدفنهم فكان جرهم إلى القليب أيسر وكان الحافر لهذا القليب رجل من بني النجار فكان فألا مقدما لهم ذكره السهيلي ولما ألقى عتبة والد أبي حذيفة رضي الله عنه في القليب تغير وجه أبي حذيفة ففطن بفتح الطاء له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له لعلك دخلك من شأن أبيك شيء فقال لا والله ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلما وفضلا فكنت أرجو أن يهديه الله للإسلام فلما رأيت ما مات عليه أحزنني ذلك فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير وقال له خيرا
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»