فعند هذا فلما دنا مني رفع يديه ولكمني لكمة شديدة فقلت في نفسي والله ما عندهم بعد هذا خير أي وهذا الرجل سهيل بن عمرو رضي الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك فلما قدم الأنصار المدينة أظهروا الإسلام أي إظهارا كليا وتجاهروا وإلا فقد تقدم أن الإسلام فشافيهم قبل قدومهم لهذه البيعة وكان عمرو بن الجموح وهو من سادات بني سلمة بكسر اللام وأشرافهم ولم يكن أسلم وكان ممن أسلم ولده معاذ بن عمرو وكان لعمرو في داره صنم أي من خشب يقال له المناة لأن الدماء كانت تمني أي تصب عنده تقربا إليه وكان يعظمه فكان فتيان قومه ممن أسلم كمعاذ بن جبل وولده عمرو بن معاذ ومعاذ بن عمرو يدلجون بالليل على ذلك الصنم فيطرحونه أي ولعله بعد إخراجه من داره في بعض الحفر التي فيها خرء الناس منكسا فإذا أصبح عمرو قال ويحكم من عدا على إلهنا هذه الليلة ثم يعود يلتمسه حتى إذا وجده غسله فإذا أمسى عدوا عليه وفعلوا به مثل ذلك إلى أن غسله وطيبه وحماه بسيف علقه في عنقه ثم قال له ما أعلم من يصنع بك فإن كان فيك خير فامتنع فهذا السيف معك فلما أمسى عدوا عليه وأخذوا السيف من عنقه ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ثم القوه في بئر من آباء بني سلمة فيها خرء الناس فلما أصبح عمرو عدا إليه فلم يجده ثم تطلبه إلى أن وجده في تلك البئر فلما رآه كذلك رجع إلى عقله وكلمه من أسلم من قومه فأسلم وحسن إسلأمه وأنشد أبياتا منها * والله لو كنت إلها لم تكن * أنت وكلب وسط بئر في قرن * وأمر صلى الله عليه وسلم من كان معه من المسلمين بالهجرة إلى المدينة أي لأن قريشا لما علمت أنه صلى الله عليه وسلم آوى أي استند إلى قوم أهل حرب وتحمل ضيقوا على أصحابه ونالوا منهم ما لم يكونوا ينالونه من الشتم والأذى وجعل البلاء يشتد عليهم وصاروا ما بين مفتون في دينه وبين معذب في أيديهم وبين هارب في البلاد شكوا إليه صلى الله عليه وسلم واستأذنوه في الهجرة أي فمكث أياما لا يأذن لهم ثم قال لهم أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان ولو كانت السراة أرض نخل وسباخ لقلت هي هي والسراة بفتح السين أعظم جبال بلاد العرب ثم خرج إليهم مسرورا فقال قد أخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب فأذن لهم وقال من أراد أن يخرج فليخرج إليها فخرجوا إليها أرسالا أي متتابعين يخفون ذلك أي وفي
(١٨٠)