السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٦٥
قال السهيلي وتسميتهم أي الأنصار إياها بهذا الاسم أي تسميتهم اليوم بيوم الجمعة لاجتماعهم فيه هداية من الله تعالى لهم وإلا فكانت تسمى في الجاهلية العروبة أي يسمى ذلك اليوم بيوم العروبة أي الرحمة وقال عليه الصلاة والسلام في حق ذلك اليوم إنه اليوم الذي فرض عليهم أي على اليهود والنصارى أي طلب منهم تعظيمه والتفرغ للعبادة فيه كما فرض علينا أضلته اليهود والنصارى وهداكم الله تعالى له أي إن كلا من اليهود والنصارى أمر بذلك اليوم يعظمون فيه الحق سبحانه وتعالى يتفرغون فيه لعبادته واختار اليهود من قبل أنفسهم بدله السبت لأنهم يزعمون أنه اليوم السابع الذي استراح فيه الحق سبحانه وتعالى من خلق السماوات والأرض وما فيهن من المخلوقات أي بناء على أن أول الأسبوع الأحد وأنه مبدأ الخلق قال بعضهم وهو الراجح وفى كلام بعضهم أول الأسبوع الأحد لغة وأوله السبت عرفا أي في عرف الفقهاء في الإيمان ونحوها ويؤيد الأول أن السبت مأخوذ من السبات وهى الراحة قال تعالى * (وجعلنا نومكم سباتا) * أي راحة ظنا منهم أنه أولى بالتعظيم لهذه الفضيلة واختارت النصارى من قبل أنفسهم بدل يوم الجمعة يوم الأحد أي بناء على أنه أول يوم ابتدأ الله فيه بإيجاد المخلوقات ظنا منهم أنه أولى بالتعظيم لهذه الفضيلة وحينئذ يكون معنى قوله أضلوه تركوه مع علمهم به ويؤيد ذلك ما جاء إن الله تعالى فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا يا موسى اجعل لنا يوم السبت فجعل عليهم وهدى الله تعالى المسلمين ليوم الجمعة أي وهداية المسلمين له تدل على أنهم لم يعلموا عينه وإنما اجتهدوا فيه فصادفوه وفى سفر السعادة كان من عوائده الكريمة صلى الله عليه وسلم أن يعظم يوم الجمعة غاية التعظيم ويخصه بأنواع التشريف والتكريم وجاء إن أهل الجنة يتباشرون في الجنة بيوم الجمعة كما تتباشر به أهل الدينا في الدينا واسمه عندهم يوم المزيد كما تقدم لأن الله تعالى يتجلى عليهم في ذلك اليوم ويعطيهم كل ما يتمنونه ويقول لهم لكم ما تمنيتم ولدينا مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم من الخير وقد جاء في المرفوع يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله تعالى فهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور وساعة الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»