السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
ذلك في الأرض قبل وصول بيت المقدس وقال له هنا مر أمتك فليكثروا من غراس الجنة فإن تربتها طيبة وأرضها واسعة فقال له وما غراس الجنة فقال لا حول ولا قوة إلا بالله وفى رواية أخرى أقرئ أمتك منى السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وقد يقال لا مخالفة بين الروايتين لأنه يجوز أن يكون غراس الجنة مجموع ما ذكر وأن بعض الرواة اقتصر قال صلى الله عليه وسلم واستقبلتنى جارية لعساء وقد أعجبتنى فقلت لها يا جارية أنت لمن قالت لزيد بن حارثة أي ولعل تلك الجارية خرجت من الجنة فيكون استقبالها له صلى الله عليه وسلم بعد مجاوزة السماء السابعة لكن في رواية فرأيت فيها أي في الجنة جارية الحديث وقد يقال يجوز أن يكون رأها مرتين خارج الجنة وداخلها فيكون سؤالها في المرة الأولى واللعس لون الشفة إذا كانت تضرب إلى السواد قليلا وذلك مستملح قاله في الصحاح وفى رواية فلما انتهى إلى السماء السابعة رأى فوقه رعدا وبرقا وصواعق أي وهذه الرواية ظاهرة في أنه صلى الله عليه وسلم رأى ذلك في السماء السابعة محتملة لأن يكون رآه قبل دخوله فيها وحينئذ يكون قوله ثم أتى بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل على الاحتمالين المذكورين وعند عرض تلك الأواني عليه صلى الله عليه وسلم أخذ اللبن فقال جبريل أصبت الفطرة أي بأخذك اللبن الذي هو الفطرة أصاب الله عز وجل بك أمتك على الفطرة أي أوجدهم على الفطرة ببركتك وفى رواية هذه الفطرة التي أنت عليها وأمتك أي وتقدم أن المراد بها الإسلام وورد أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام في السماء السادسة وموسى في السماء السابعة وهذه الرواية في البخاري عن أنس وتقدم أن ذلك كان في الإسراء بروحه صلى الله عليه وسلم لا بجسده وفيه أن رؤيا الأنبياء حق فالأولى الجمع بين الروايات بالانتقال وأن بعض الأنبياء نزل من محله إلى ما تحته لملاقاته صلى الله عليه وسلم عند صعوده وبعضهم خرج عن محله وصعد إلى
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»