السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
واعترض بأن الأئمة صرحوا بأن الشباب ومقابله إنما يكون في الحيوان ويجاب بأن الغرض من ذلك التمثيل وكشف له صلى الله عليه وسلم عن حال من يقبل الأمانة مع عجزه عن حفظها بضرب مثال فأتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها فقال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس لا يقدر على أدائها ويريد أن يتحمل عليها وكشف له صلى الله عليه وسلم عن حال من يترك الصلاة المفروضة في دار الجزاء فأتى على قوم ترضح رؤوسهم كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شئ فقال يا جبريل ما هؤلاء قال هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة أي المفروضة عليهم وكشف له صلى الله عليه وسلم عن حال من يترك الزكاة الواجبة عليه ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع وعلى أدبارهم يسرحون كما تسرح الإبل والغنم ويأكلون الضريع وهو اليابس من الشوك والزقوم ثمر شجر مر له زفرة قيل إنه لا يعرف بشجر الدنيا وإنما هو لشجرة من النار وهى المذكورة في قوله تعالى * (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) * أي منبتها في أصل الجحيم وتقدم الكلام عليها عند الكلام على المستهزئين ويأكلون رضف جهنم أي حجاراتها المحماة لآن الرضف بالضاد المعجمة الحجارة المحماة التي يكوى بها فقال من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم المفروضة عليهم وكشف له صلى الله عليه وسلم عن حال الزناة بضرب مثال ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج في قدور ولحم نئ أيضا في قدور خبيث فجعلوا يأكلون من ذلك النئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب فقال ما هذا يا جبريل قال هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح والمرأة تقوم من عنده زوجها حلالا طيبا فتأتي رجلا خبيثا فتبيت عنده حتى تصبح وكشف له صلى الله عليه وسلم عن حال من يقطع الطريق بضرب مثال ثم أتى على خشبة لا يمر بها ثوب ولا شئ إلا خرقته فقال ما هذه يا جبريل قال هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه وتلا ولا تقعدوا بكل صراط توعدون
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»