وكان هذا السؤال الثاني هو الحامل لأبي بن كعب على دعوى أنه لم يرم بالنجوم منذ رفع عيسى عليه الصلاة والسلام حتى تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى بها ومن ثم قال فلما رأت قريش أمرا لم تكن تراه فزعوا لعبد ياليل ويجاب بأنه يجوز أن يكون الرمي بالنجوم عند المبعث مخالفا للرمى بها قبله إما لفرط كثرتها وإما لأن الرمي بها بعد المبعث كان من كل جانب وقيل كان من جانب واحد وإما لأن الرمي بها صار لا يخطئ أبدا وقبل ذلك كان يخطئ تارة ويصيب أخرى فمنهم من يقتله ومنهم من يحرق وجهه ومنهم من يخبله أي يصيره غولا يضل الناس في البراري وكان ذلك سبب فزع العرب لأنه كان قبل ذلك لم يكن من كل جانب ولم يكثر ويخطئ فيعود الشيطان إلى مكانه فيسترق السمع ويلقى ما يسترقه إلى كاهنه أي فلم تنقطع الكهانة قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم بالمرة بل كانت موجودة إلى زمن مبعثه صلى الله عليه وسلم وعند مبعثه انقطعت بالمرة ومن ثم قال لا كهانة اليوم وهذا كله على تسليم رواية ابن عباس أن النجوم رمى بها عند ولادته صلى الله عليه وسلم وحفظ الوحي بالرمي بالشهب لا يخالف ما حكاه في الإتقان عن سعيد بن جبير ما جاء جبريل بالقرآن إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة وسيأتي عن الينبوع عن ابن جرير ما نزل جبريل بوحي قط إلا ونزل معه من الملائكة حفظة يحيطون به وبالنبي الذي يوحى إليه يطردون الشياطين عنهما لئلا يسمعوا ما يبلغه جبريل إلى ذلك النبي الذي يوحى إليه يطردون الشياطين عنهما لئلا يسمعوا ما يبلغه جبريل إلى ذلك النبي من الغيب الذي يوحيه إليه فيبلغوه إلى أوليائهم وعن بعضهم قال سافرت عن زوجتي فخلفني عليها شيطان على صورتي وكلامي وسائر حالاتي التي تعرفها مني فلما قدمت من السفر لم تفرح بي ولم تتهيأ لي وكانت إذا قدمت من سفر تتهيأ لي كما تتهيا العروس فقلت لها في ذلك فقالت إنك لم تغب فبينما أنا كذلك وقد ظهر لي ذلك الشيطان وقال لي أنا رجل من الجن عشقت امرأتك وكنت آتيها في صورتك فلا تنكر ذلك فاختر إما أن يكون لك الليل ولي النهار أو لك النهار ولي الليل فراعني ذلك ثم اخترت النهار فلما كان في بعض الليالي جاءني وقال بت الليلة عند أهلك فقد حضرت نوبتي في استراق السمع من السماء فقلت أنت تسترق السمع فقال نعم هل لك أن تكون معي قلت نعم فلما جاء الليل أتاني وقال حول وجهك فحولت وجهي فإذا هو في صورة خنزير له جناحان فحملني على ظهره فإذا له معرفة كمعرفة الخنزير فقال لي استمسك بها فإنك ترى أمورا وأهوالا فلا
(٣٤٢)