السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٦
وصارت خزاعة بعد جرهم ولاة البيت والحكام بمكة كما تقدم وكان كبير خزاعة عمرو بن لحى وهو ابن بنت عمرو بن الحارث الجرهمي آخر ملوك جرهم المتقدم ذكره وقد بلغ عمرو بن لحى في العرب من الشرف ما لم يبلغه عربي قبله ولا بعده في الجاهلية وهو أول من أطعم الحج بمكة سدائف الإبل ولحمانها على الثريد والسدائف جمع سديف وهو شحم السنام وذهب شرفه في العرب كل مذهب حتى صار قوله دينا متبعا لا يخالف وفي كلام بعضهم صار عمرو للعرب ربا لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسوهم في الموسم وربما نحر لهم في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسا عشرة آلاف حلة وهو أول من غير دين إبراهيم أي فقد قال بعضهم تضافرت نصوص العلماء على أن العرب من عهد إبراهيم استمرت على دينه أي من رفض عبادة الأصنام إلى زمن عمرو ابن لحى فهو أول من غير دين إبراهيم وشرع للعرب الضلالات فعبد الأصنام وسيب السائبة وبحر البحيرة وقيل أول من بحر البحيرة رجل من بني مدلج كانت له ناقتان فجدع أذنيهما وحرم ألبانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته في النار يخبطانه بأخفافهما ويعضانه بأفواههما وعمرو أول من وصل الوصيلة وحمى الحامي ونصب الأصنام حول الكعبة وأتى بهبل من أرض الجزيرة ونصبه في بطن الكعبة فكانت العرب تستقسم عنده بالأزلام على ما سيأتي وأول من أدخل الشرك في التلبية فإنه كان يلبى بتلبية إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام وهي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك فعند ذلك تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه فلما قال عمرو لبيك لا شريك لك قال له ذلك الشيخ إلا شريكا هو لك فأنكر عمرو ذلك فقال له ذلك الشيخ تملكه وما ملك وهذا لا بأس به فقال ذلك عمرو فتبعه العرب على ذلك أي فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده قال تعالى توبيخا لهم وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون وهو أول من أحل أيضا أكل الميتة فإن كل القبائل
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»