الخالطين غنيهم بفقيرهم * حتى يعود فقيرهم كالكافي * فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هكذا سمعت الرواة ينشدونه وكان هاشم بعد أبيه عبد مناف على السقاية والرفادة فكان يعمل الطعام للحجاج يأكل منه من لم يكن له سعة ولا زاد ويقال لذلك الرفادة واتفق أنه أصاب الناس سنة جدب شديد فخرج هاشم إلى الشام وقيل بلغه ذلك وهو بغزة من الشام فاشترى دقيقا وكعكا وقدم به مكة في الموسم فهشم الخبز والكعك ونحر الجزر وجعله ثريدا وأطعم الناس حتى أشبعهم فسمى بذلك هاشما وكان يقال له أبو البطحاء وسيد البطحاء قال بعضهم لم تزل مائدته منصوبة لا ترفع في السراء والضراء قال ابن الصلاح روينا عن الإمام سهل الصعلوكي رضي الله عنه أنه قال في قوله صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام أراد فضل ثريد عمرو العلا الذي عظم نفعه وقدره وعم خيره وبره وبقى له ولعقبه ذكره وقد أبعد سهل في تأويل الحديث والذي أراه أن معناه تفضيل الثريد من الطعام على باقي الطعام لأن سائر بمعنى باقي أي فالمراد أي ثريد لا خصوص ثريد عمرو العلا حتى يكون أفضل من ثريد غيره وكان هاشم يحمل ابن السبيل ويؤمن الخائف قال وقد ذكر أنه كان إذا هل هلال ذي الحجة قام صبيحته وأسند ظهره إلى الكعبة من تلقاء بابها ويخطب يقول في خطبته يا معشر قريش إنكم سادة العرب أحسنها وجوها وأعظمها أحلاما أي عقولا وأوسط العرب أي أشرفها أنسابا وأقرب العرب بالعرب أرحاما يا معشر قريش إنكم جيران بيت الله تعالى أكرمكم الله تعالى بولايته وخصكم بجواره دون بني إسماعيل وإنه يأتيكم زوار الله يعظمون بيته فهم أضيافه وأحق من أكرم أضياف الله أنتم فأكرموا ضيفه وزواره فإنهم يأتون شعثا غبرا من كل بلد على ضوامر كالقداح فأكرموا ضيفه وزوار بيته فورب هذه البنية لو كان لي مال يحتمل ذلك لكفيتكموه وأنا مخرج من طيب مالي وحلاله مالم يقطع فيه رحم ولم يؤخذ بظلم ولم يدخل فيه حرام فمن شاء منكم أن يفعل مثل ذلك فعل واسألكم بحرمة هذا البيت أن لا يخرج رجل منكم من ماله لكرامة زوار بيت الله وتقويتهم إلا طيبا لم يؤخذ ظلما
(٩)