الوصف المذكور فقيل له عبد المطلب أي وقيل لأنه تربى في حجر عمه المطلب وكان عادة العرب أن تقول لليتيم الذي يتربى في حجر أحد هو عبده وكان عبد المطلب يأمر أولاده بترك الظلم والبغي ويحثهم على مكارم الأخلاق وينهاهم عن دنيئات الأمور وكان يقول لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبهم عقوبة إلى أن هلك رجل ظلوم من أهل الشام لم تصبه عقوبة فقيل لعبدالمطلب في ذلك ففكر وقال والله إن وراء هذه الدار دارا يجزى فيها المحسن بإحسانه ويعاقب المسئ بإساءته أي فالمظلوم شأنه في الدنيا ذلك حتى إذا خرج من الدنيا ولم تصبه العقوبة فهي معدة له في الآخرة ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام ووحد الله سبحانه وتعالى وتؤثر عنه سنن جاء القرآن بأكثرها وجاءت السنة بها منها الوفاء بالنذر والمنع من نكاح المحارم وقطع يد السارق والنهي عن قتل الموءودة وتحريم الخمر والزنا وأن لا يطوف بالبيت عريان كذا في كلام سبط ابن الجوزي ابن هاشم وهاشم هو عمرو العلا أي لعلو مرتبته وهو أخو عبد شمس وكانا توءمين وكانت رجل هاشم أي أصبعها ملصقة بجبهة عبد شمس ولم يمكن نزعها إلا بسيلان دم فكانوا يقولون سيكون بينهما دم فكان بين ولديهما أي بين بني العباس وبين بني أمية سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة ووقعت العداوة بين هاشم وبين ابن أخيه أمية بن عبد شمس لأن هاشما لما ساد قومه بعد أبيه عبد مناف حسده أمية بن أخيه فتكلف أن يصنع كما يصنع هاشم فعجز فعيرته قريش وقالوا له أتتشبه بهاشم ثم دعا هاشما للمنافرة فأبى هاشم ذلك لسنه وعلو قدره فلم تدعه قريش فقال هاشم لأمية أنافرك على خمسين ناقة سود الحدق تنحر بمكة والجلاء عن مكة عشر سنين فرضى أمية بذلك وجعلا بينهما الكاهن الخزاعي وكان بعسفان فخرج كل منهما في نفر فنزلوا على الكاهن فقال قبل أن يخبروه خبرهم والقمر الباهر والكوكب الزاهر والغمام الماطر وما بالجو من طائر وما اهتدى بعلم مسافر من منجد وغائر لقد سبق هاشم أمية إلى المفاخر فنصر هاشم على أمية فعاد هاشم إلى مكة ونحر الإبل وأطعم الناس وخرج أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين فكانت هذه أول عداوة وقعت بين هاشم وأمية وتوارث ذلك بنوهما وكان يقال لهاشم وإخوته عبد شمس والمطلب ونوفل أقداح النضار أي الذهب ويقال لهم المجيرون لكرمهم وفخرهم وسيادتهم على سائر العرب
(٧)