السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٣١٧
يدك فناوله يده فقال له قم باسم الله فقام كأنما نشط من عقال فقال لي المقعد يا غلام احمل على ثيابي حتى أنطلق فحملت عليه ثيابه فذهب الراهب وذهبت في أثره أطلبه كلما سألت عنه قالوا أمامك حتى لقيني ركب من كلب فسألتهم فلما سمعوا لغتي أناخ رجل بعيره وحملني عليه فجعلني خلفه حتى أتوا بي بلادهم فباعوني فاشترتني امرأة من الأنصار فجعلتني في حائط لها أي بستان وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت به فأخذت شيئا من تمر حائط ثم أتيته فوجدت عنده أناسا فوضعته بين يديه فقال ما هذا قلت صدقة قال للقوم كلوا ولم يأكل هو ثم لبثت ما شاء الله ثم أخذت مثل ذلك ثم أتيته فوجدت عنده أناسا فوضعته بين يديه فقال ما هذا فقلت هدية قال بسم الله وأكل وأكل القوم فقلت في نفسي هذه من آياته ويحتاج للجمع بين هذه الرواية وما تقدم على تقدير صحتهما وفي الدر المنثور أن امرأة من جهينة اشترته وصار يرعى غنما لها بينما هو يوما يرعى إذ أتاه صاحب له فقال له أشعرت أنه قد قدم اليوم المدينة رجل يزعم أنه نبي فقال له سلمان أقم في الغنم حتى آتيك فهبط سلمان إلى المدينة فاشترى بدينار ببعضه شاة فشواها وببعضه خبزا ثم أتاه به فقال ما هذا قال سلمان هذه صدقة قال لا حاجة لي بها فأخرجها فأكلها أصحابه ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا قال هذه هدية قال فاقعد فكل فقعد وأكلا جميعا منها فدرت خلفه ففطن بي فأرخى ثوبه فإذا الخاتم في ناحية كتفه الأيسر فتبينته ثم درت حتى جلست بين يديه فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وهذه الرواية تخالف ما تقدم فليتأمل ولينظر كيف الجمع ونقل بعضهم الإجماع على أن سلمان عاش مائتين وخمسين سنية وكان حبرا عالما فاضلا زاهدا متقشفا وكان يأخذ من بيت المال في كل سنة خمسة آلاف وكان يتصدق بها ولا يأكل إلا من عمل يده وكان له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها قال بعضهم دخلت عليه وهو أمير على المدائن وهو يعمل الخوص فقلت له لم تعمل هذا وأنت أمير وهو يجرى عليك رزق فقال إني أحب أن آكل من عمل يدي وربما اشتري اللحم وطبخه ودعا المجذومين فأكلوا معه
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»