فأما القول بأن هذه القصة المذكورة في القرآن هي قصة أصحاب المسيح فضعيف لما تقدم; ولان ظاهر سياق القرآن يقتضى أن هؤلاء الرسل من عند الله.
* * * قال الله تعالى: " واضرب لهم مثلا " يعنى لقومك يا محمد " أصحاب القرية " يعنى المدينة " إذ جاءها المرسلون * إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث " أي أيدناهما بثالث (1) في الرسالة، " فقالوا إنا إليكم مرسلون "، فردوا عليهم بأنهم بشر مثلهم; كما قالت الأمم الكافرة لرسلهم، يستبعدون أن يبعث الله نبيا بشريا. فأجابوهم بأن الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبنا عليه لعاقبنا وانتقم منا أشد الانتقام.
" وما علينا إلا البلاغ المبين " أي إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم والله هو الذي يهدى من يشاء ويضل من يشاء " قالوا إنا تطيرنا بكم " أي تشاءمنا بما جئتمونا به، " لئن لم تنتهوا لنرجمنكم " [قيل (2)] بالمقال، وقيل بالفعال. يؤيد الأول قوله: " وليمسنكم منا عذاب أليم " توعدوهم (3) بالقتل والإهانة.
" قالوا طائركم معكم " أي مردود عليكم " أإن ذكرتم؟ " أي بسبب أنا ذكرناكم بالهدى ودعوناكم إليه، توعدتمونا بالقتل والإهانة؟ " بل أنتم قوم مسرفون " أي لا تقبلون الحق ولا تريدونه.
وقوله تعالى: " وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى " يعنى لنصرة