وكيف لا يرحم الله منهم أحدا ولا أم الصبى ولا الصبى، ويترك هذا الدعي (1) الجبار العنيد الفاجر، الشديد الكافر، الشيطان المريد على ما ذكروا؟
وأما المنقول فقد قال الله تعالى: " ثم أغرقنا الآخرين " وقال:
" رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ".
ثم هذا الطول الذي ذكروه مخالف لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله خلق آدم وطوله ستون ذراعا، ثم لم يزل (2) الخلق ينقص حتى الآن ".
فهذا نص الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى " إن هو إلا وحى يوحى " أنه لم يزل الخلق ينقص حتى الآن، أي لم يزل الناس في نقصان في طولهم من آدم إلى يوم إخباره بذلك وهلم جرا إلى يوم القيامة. وهذا يقتضى أنه لم يوجد من ذرية آدم من كان أطول منه.
فكيف يترك هذا ويذهل عنه، ويصار إلى أقوال الكذبة الكفرة من أهل الكتاب، الذين بدلوا كتب الله المنزلة وحرفوها وأولوها ووضعوها على غير مواضعها؟ فما ظنك بما هم يستقلون بنقله أو يؤتمنون عليه [وهم الخونة والكذبة عليهم لعائن الله التابعة إلى يوم القيامة (3)] وما أظن أن هذا الخبر عن عوج بن عناق إلا اختلاقا من بعض زنادقتهم وفجارهم الذين كانوا أعداء الأنبياء. والله أعلم.
* * *