الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٨١
فصل في ذكر وفاتها (عليها السلام) قيل: لما مرضت فاطمة (عليها السلام) دخل عليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها فقلن: كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله؟
فقالت: أصبحت والله عائفة (1) لدنياكن، قالية (2) لرجالكن، لفظتهم (3) بعد أن عرفتهم، وشنأتهم بعد أن سبرتهم (4)، فقبحا لفلول الحد (5) وخطل الرأي وخور القناة (6)، لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم (7)، لقد قلدتهم ربقتها (8)، وشنت عليهم غارتها (9)، فجدعا وعقرا (10) وبعدا للقوم الظالمين.

(1) عائفة: أي كارهة، يقال: عاف الرجل الطعام يعافه عيافا إذا كرهه.
(2) القالية: المبغضة، قال تعالى: * (ما ودعك ربك وما قلى) *.
(3) لفظت الشئ من فمي: أي رميته وطرحته.
(4) شنأه: أبغضه. وسبرتهم: أي اختبرتهم. والمعنى: إني كنت عالمة بقبح سيرتهم وسوء سريرتهم فطرحتهم، ثم لما اختبرتهم شنأتهم وأبغضتهم، أي تأكد إنكاري بعد الاختبار.
(5) قبحا بالضم: مصدر حذف فعله، إما من قولهم: قبحه الله قبحا، أو من قبح - بالضم - قباحة.
والفلول بالضم: جمع فل بالفتح، وهو الثلمة والكسر في حد السيف. وحد الشئ: شباته، وحد الرجل: بأسه.
(6) الخور بالفتح وبالتحريك: الضعف. والقناة: الرمح.
(7) إشارة إلى قوله تعالى * (بئس ما قدمت..) * المائدة: 80.
(8) الربقة في الأصل: عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها، ويقال للحبل الذي تكون فيه الربقة: ربق. والضمير في " ربقتها " راجع إلى الخلافة المدلول عليها بالمقام، أو إلى فدك، أو حقوق أهل البيت (عليهم السلام)، أي جعلها إثمها لازمة لرقابهم كالقلائد.
(9) الشن: رش الماء رشا متفرقا، والسن بالمهملة: الصب المتصل، ومنه قولهم: شنت عليهم الغارة إذا فرقت عليهم من كل وجه.
(10) الجدع: قطع الأنف أو الأذن أو الشفة، وهو بالأنف أخص، ويكون بمعنى الحبس. والعقر بالفتح: الجرح، ويقال في الدعاء على الانسان: عقرا له وحلقا، أي عقر الله جسده وأصابه بوجع في حلقه، وأصل العقر: ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف ثم اتسع فيه فاستعمل في القتل والهلاك.
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 487 ... » »»