الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٤٨٠
فقال لها علي (عليه السلام): لا ويل لك، الويل لمن ساءك، فنهنهي عن وجدك يا ابنة الصفوة وبقية النبوة (1)، ما ونيت (2) عن ديني، ولا أخطأت مقدوري، فإن كنت تريدين البلغة (3) فرزقك مقدور، وكفيلك مأمون، وما أعد لك خير مما قطع عنك، فاحتسبي (4).
فقالت: حسبي الله. وسكتت (5).
قال: فقالت أم سلمة رضي الله عنها حيث سمعت ما جرى لفاطمة (عليها السلام): ألمثل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقال هذا القول، هي والله الحوراء بين الإنس، والنفس للنفس، ربيت في حجور الأتقياء، وتناولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور الطاهرات، ونشأت خير نشاء، وربيت خير مربى، أتزعمون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حرم عليها ميراثه ولم يعلمها وقد قال الله تعالى: * (وانذر عشيرتك الأقربين) * (6) أفأنذرها وخالفت متطلبة وهي خيرة النسوان، وأم سادة الشبان، وعديلة ابنة عمران، تمت بأبيها رسالات ربه، فوالله لقد كان شفق عليها من الحر والقر، ويوسدها يمينه، ويلحفها بشماله، رويدا ورسول الله (صلى الله عليه وآله) بمرأى منكم، وعلى الله تردون، واها لكم فسوف تعلمون.
$ فاطمة الزهراء (عليها السلام) / وفاتها قال: فحرمت أم سلمة عطاءها في تلك السنة.

(١) نهنهت الرجل عن الشئ فتنهنه أي كففته وزجرته فكف. والوجد: الغضب، أي امنعي نفسك عن غضبك. والصفوة مثلثة: خلاصة الشئ وخياره.
(٢) الونى: الضعف والفتور والكلال، والفعل كوقى يقي، أي ما عجزت عن القيام بما أمرني به ربي، وما تركت ما دخل تحت قدرتي.
(٣) البلغة بالضم: ما يتبلغ به من العيش، والمقدر والكفيل هو الله سبحانه.
(٤) الاحتساب: الاعتداد. ويقال لمن ينوي بعمله وجه الله تعالى: احتسبه، أي اصبري وادخري ثوابه عند الله تعالى.
(٥) إلى هنا ذكر من خطبة الزهراء (عليها السلام) في بحار الأنوار: ج ٨ ص ١٠٩ - ١١٢ ط. الكمباني وأوردها الأربلي في كشف الغمة: ج ١ ص ٤٨٠، والطبرسي في الاحتجاج: ج ١ ص ١٤٦ ناقصة أيضا. وما ذكر هنا يختلف مع ما ذكر في المصادر السابقة زيادة ونقيصة وتقديما وتأخيرا واختلافا في كثير من الألفاظ. وقد نقلنا شرح ألفاظها عن العلامة المجلسي قدس سره في البحار.
(٦) الشعراء: ٢١٤.
(٤٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 475 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 ... » »»