الدر النظيم - إبن حاتم العاملي - الصفحة ٦٥٣
أبي الخطاب، فقال مبتدئا: ما يمنعك أن تلقى ابني فتسأله عن جميع ما تريد.
قال: فذهبت إليه وهو قاعد في الكتاب وعلى شفتيه أثر مداد، فقال لي:
يا با عيسى إن الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلن يتحولوا عنها إلى غيرها أبدا، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية فلن يتحولوا عنها إلى غيرها أبدا، وأعار قوما الإيمان زمانا ثم سلبهم إياه، وأن الخطاب ممن أعير الإيمان ثم سلبه الله إياه.
قال: فضممته إلى صدري، وقبلت بين عينيه، وقلت: بأبي وأمي ذرية بعضها من بعض، أتيته فأخبرني مبتدئا من غير أن أسأله عن شئ بجميع ما أردت.
قال: يا عيسى إن ابني الذي رأيته لو سألته عن ما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم.
قال عيسى: ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الأمر (1).
وقال صفوان الجمال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) من صاحب هذا الأمر؟ فقال:
صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب.
فأقبل أبو الحسن وهو صغير ومعه عناق مكية (2)، وهو يقول لها: اسجدي لربك. فأخذه أبو عبد الله وضمه إليه وقال: بأبي من لا يلهو ولا يلعب (3).
وقيل: إنه لما خرج الرشيد إلى الحج وقرب من المدينة استقبله الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر (عليهما السلام) على بغلة. فقال له الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين وأنت إن طلبت لم تدرك، وإن طلبت لم تفت؟ فقال:
إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلة العير، وخير الأمور أوسطها (4).
ولما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي (صلى الله عليه وآله) ومعه الناس، فتقدم

(1) دلائل الإمامة: ص 164.
(2) العناق: كسحاب، الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم لها سنة.
(3) الإرشاد: ص 290.
(4) الإرشاد: ص 297.
(٦٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 647 649 650 651 652 653 654 655 656 657 658 ... » »»