الكافة والخلافة عليهم في حياته وبعد وفاته لشهادة القرآن بذلك كله لهارون من موسى (عليهما السلام)، قال الله عز وجل مخبرا عن موسى (عليه السلام): * (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا * إنك كنت بنا بصيرا * قال قد أوتيت سؤلك يا موسى) * (1) فثبت لهارون شركة موسى (عليهما السلام) في النبوة ووزارته على تأدية الرسالة وشد أزره به في النصرة.
وقال في استخلافه له: * (أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) * (2) فثبت له خلافته بمحكم التنزيل.
فلما جعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) جميع منازل هارون من موسى في الحكم له منه إلا النبوة وجبت له وزارة الرسول (عليه السلام) وشد الأزر بالنصرة والفضل والمحبة لما يقتضيه هذه الخصال من ذلك في الحقيقة. ثم الخلافة في الحياة بالصريح وبعد الوفاة لتخصيص الاستثناء لما خرج معها بذكر البعدية.
وأمثال هذه الحجج كثيرة.
وما أحسن ما قال محمد بن نصر بن بسام الكاتب:
إن عليا لم يزل محنة * لرابح الدين ومغبون أنزله من نفسه المصطفى * منزلة لم تك بالدون صيره هارون في قومه * لعاجل الدنيا وللدين فارجع إلى الأعراف حتى * ترى ما فعل القوم بهارون (3) أجمعت الأمة على أن ليس لها تولية رجل بالاختيار والشورى إلا بعد أن يجدوا في الكتاب والسنة ما يدل على رجل باسمه وفعله، فإذا وجدوه ولوه عليهم.
وأجمعت المعتزلة أن الخصال المستحقة لصاحبها التعظيم الديني في علي أفضل مما في غيره، وهو العلم والجهاد والزهد والجود.