مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع) - محمد بن طلحة الشافعي - الصفحة ٤٥٠
ماء فسقطت الركوة من يده في البئر، وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:
أنت ربي إذا ظمئت إلى الماء * وقوتي إذا أردت الطعاما اللهم سيدي مالي سواها فلا تحرمنيها (1).
قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد ارتفع ماؤها، فمد يده فأخذ الركوة وملأها ماء فتوضأ وصلى أربع ركعات، ثم مال إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحركه ويشرب.
فأقبلت إليه وسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: أطعمني من فضل ما أنعم الله به عليك.
فقال: (يا شقيق لم تزل نعمه علينا ظاهرة وباطنة، فأحسن ظنك بربك).
ثم ناولني الركوة فشربت منها، فإذا هو سويق وسكر فوالله ما شربت قط ألذ منه، ولا أطيب ريحا، فشبعت ورويت وأقمت أياما لا أشتهي طعاما ولا شرابا ثم لم أره حتى دخلنا مكة، فرأيته ليلة إلى جنب قبة الشراب في نصف الليل قائما يصلي بخضوع وأنين وبكاء، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل، فلما رأى الفجر جلس في مصلاه يسبح ثم قام فصلى الغداة، وطاف بالبيت أسبوعا وخرج، فتبعته وإذا له غاشية وموال، وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلمون عليه فقلت لبعض من يقرب منه: من هذا الفتى؟
فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
فقلت: قد عجبت أن تكون هذه العجائب إلا لمثل هذا السيد.

1 - في نسخة (ط): تعدمنيها.
(٤٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 444 446 447 448 449 450 451 452 453 454 455 ... » »»