نور الإمامة يهدي القلوب والعقول إلى سلوك طريق الحق، ويوضح لهما المقاصد في سلوك سبل النجاة، كما يهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق إلى سلوك الطريق، ويوضح لهم المناهج السهلة ليسلكوها، والمسالك الوعرة ليتجنبوها، فهما نوران هاديان أحدهما يهدي البصائر وهو نور الإمامة، والآخر يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر، ولكل واحد من هذين النورين مجال يتناقلها، فمجال ذلك النور الهادي للأبصار البروج الاثنا عشر، التي أولها الحمل وآخره المنتهى إليه الحوت، فينقل من واحد إلى آخر، فيكون مجال النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة منحصرا أيضا في اثني عشر.
تنبيه: قد ورد في الحديث: (إن الأرض بما عليها محمولة على الحوت) (1) وفي هذا إشارة لطيفة، وحكمة شريفة، وهو أن مجال ذلك النور لما كان آخرها الحوت، والحوت حامل لأثقال هذا الوجود، ومقر العالم في الدنيا، فآخر مجال هذا النور وهو نور الإمامة أيضا حامل أثقال مصالح أديانهم وهو المهدي، وسيبين ذلك عند نزول عيسى (عليه السلام) لقتل الدجال، ويظهر على ما نطق به الحديث النبوي، وسيأتي بسط ذلك وتفصيله في موضعه إن شاء الله تعالى.
الوجه السادس: وهو من جميع الوجوه أولاها مساقا، وأحلاها مذاقا، وأجلاها إشراقا، وأعلاها في ذرى الحكم طباقا، وتقريره: أن النبي (ص) لما قال:
(الأئمة من قريش) (2) ذكر ذلك حاصرا به كون الأئمة من قريش، فلا يجوز أن تكون الإمامة في غير قرشي، (وإن كان عربيا ومتى عقدت الإمامة لغير قرشي) (3)