وتكرر ذلك وكثر نقله عنه إليه فاغضبه ذلك منه ونقمه عليه، فاستدعاه الحجاج يوما إلى مجلسه وقد اجتمع لديه أعيان المصرين الكوفة والبصرة وعلماؤهما وقراؤهما فلما دخل الشعبي عليه سلم، فلم يبشر به ولا وافاه حقه من الرد عليه.
فلما جلس قال له: يا شعبي ما أمر يبلغني عنك يشهد عليك بجهلك.
قال: ما هو يا أمير؟
قال: ألم تعلم إن أبناء الرجل من ينسبون إليه وإن الأنساب لا تكون إلا بالآباء، فما بالك تقول عن أبناء علي أنهم أبناء رسول الله وذريته هل لهم اتصال برسول الله (ص) إلا بأمهم فاطمة؟ والنسب لا يكون بالبنات وإنما يكون بالأبناء.
فأطرق الشعبي ساعة حتى بالغ الحجاج في الانكار عليه وقرع انكاره مسامع الحاضرين، والشعبي ساكت، فلما رأى الحجاج سكوته، أطمعه ذلك في زيادة تعنيفه.
فرفع الشعبي صوته وقال: يا أمير ما أراك إلا متكلما كلام من يجهل كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومن يعرض عنهما. فازداد الحجاج غيطا منه وقال: لمثلي تقول هذا يا ويلك.
قال الشعبي: نعم، هؤلاء قراء المصرين حملة الكتاب العزيز، وكل منهم يعلم ما أقول: أليس قد قال الله تعالى حين خاطب عباده بأجمعهم بقوله تعالى:
* (يا بني آدم) * وقال: * (يا بني إسرائيل) * وقال عن إبراهيم: * (ومن ذريته) * إلى أن قال: * (ويحيى وعيسى) * أفترى يا حجاج اتصال عيسى بآدم وبإسرائيل الله وبإبراهيم خليل الله بأي آبائه كان أو بأي أجداد أبيه هل كان إلا بأمه مريم؟
وقد صح النقل عن رسول الله (ص) أنه قال للحسن: (إن ابني هذا سيد).