به الباقون، لكن اتفقت أخبارهم على معنى مشترك دلت أقوالهم (وأخبارهم) (1) عليه وهو إحسان الملك إليه وعنايته به فيحصل للسامعين علم بأن هذا الشخص المذكور له عند الملك منزلة عالية ومكانة خصصه بها يكاد يلحق بعلم اليقين، فكذلك هذه الأحاديث النبوية المتعددة الصادرة منه (ص) في حق علي (عليه السلام) في دلالتها على ما ذكرناه، فهذا تأصيل دلالة إجمالية على ما شرحته آنفا، ثم إنني الآن أزيد على هذا التأصيل وأبسط القول فيه بتفصيل بيان وبيان تفصيل فأقول: قد صرح بعض الأحاديث المتلوة والأخبار المجلوة بثبوت الأخوة، وصرح بعضها بجعله منه بمنزلة هارون من موسى، وبعضها (بأنك مني وأنا منك)، وبعضها (علي مني وأنا من علي)، فهذه الألفاظ الشريفة النبوية قد دل كل واحد منها على المعنى المختص به، وأنا أوضح كيفية دلالة كل واحد من تلك المعاني على الفضيلة الخالصة لعلي (عليه السلام) منه.
فأول ذلك قوله (ص): (أنت أخي) فاعلم هداك الله سنن السداد أن الأخوة معنى إضافي يستحيل ثبوته لأحد الشخصين دون الآخر، فمن ضرورة كون أحدهما أخا أن تعمهما الاخوة وتشملهما فيكونا في الاخوة سواء، كل واحد منهما أخا لصاحبه غير أن الاخوة لها حقيقة ولتلك الحقيقة لوازم، فإذا ذكرت اللفظة الموضوعة لتلك الحقيقة مضافة إلى شخص دلت على وجود تلك الحقيقة لذلك الشخص إن أمكن، وإن كان غير ممكن حملت تلك اللفظة على لوازم الحقيقة عملا باللفظة ومحافظة على صحته بقدر الإمكان وصيانة له عن الإلغاء، وحقيقة الاخوة بين الشخصين كونهما مخلوقين من أصل واحد بغير واسطة وهذه الحقيقة منتفية هاهنا، فإن النبي (ص) مخلوق من عبد الله وآمنة، وعلي (عليه السلام) مخلوق من أبي طالب وفاطمة بنت أسد، فتعين صرف اللفظة إلى لوازم الحقيقة