تعالى: ﴿إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما﴾ (1) وإنما أراد تعالى أن الفشل خطر ببالهم، ولو كان الهم في هذا المكان عزما، لما كان الله تعالى ولا هما لأنه تعالى يقول: (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير) (2) وإرادة المعصية، والعزم عليها معصية. وقد تجاوز ذلك قوم حتى قالوا إن العزم على الكبيرة كبيرة وعلى الصغيرة صغيرة وعلى الكفر كفر. ولا يجوز أن يكون الله تعالى ولي من عزم على الفرار عن نصرة نبيه صلى الله عليه وآله وإسلامه إلى السوء، ومما يشهد أيضا بذلك قول كعب بن زهير:
فكم فيهم من سيد متوسع * ومن فاعل للخير إن هم أو عزم ففرق كما ترى بين الهم والعزم. وظاهر التفرقة قد يقتضي اختلاف المعنى.
ومن وجوه الهم أن يستعمل بمعنى المقاربة، فيقولون هم بكذا وكذا أي كاد أن يفعله. قال ذو الرمة:
أقول لمسعود بجرعاء مالك * وقد هم دمعي أن يلج أوائله والدمع لا يجوز عليه العزم، وإنما أراد أنه كاد وقرب.
وقال أبو الأسود الدؤلي:
وكنت متى تهمم يمينك مرة * لتفعل خيرا تقتفيها شمالكا وعلى هذا خرج قوله تعالى جدارا يريد أن ينقض أي يكاد.
قال الحارثي:
يريد الرمح صدر أبي براء * ويرغب عن دماء بني عقيل