قارب البلوغ من الغلمان مثل هذه الأفعال، وقد يلزمهم بعض العقاب واللوم والذم، فإن ثبت هذا الوجه سقطت المسألة أيضا، مع تسليم أن هؤلاء الأخوة كانوا أنبياء في المستقبل.
تنزيه يعقوب عن التغرير بولده (مسألة) فإن قيل: فلم أرسل يعقوب (ع) يوسف مع إخوته، مع خوفه عليه منهم، وقوله: (وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون) (1) وهل هذا إلا تغرير به ومخاطرة؟.
(الجواب): قيل له: ليس يمتنع أن يكون يعقوب (ع) لما رأى من بنيه ما رأى من الإيمان والعهود والاجتهاد في الحفظ والرعاية لأخيهم، ظن مع ذلك السلامة وغلبة النجاة، بعد أن كان خائفا مغلبا لغير السلامة. وقوي في نفسه أن يرسله معهم إشفاقا من إيقاع الوحشة والعداوة بينهم، لأنه إذا لم يرسله مع الطلب منهم والحرص، علموا أن سبب ذلك هو التهمة لهم والخوف من ناحيتهم فاستوحشوا منه ومن يوسف (ع)، وانضاف هذا الداعي إلى ما ظنه من السلامة والنجاة، فأرسله.
تنزيه يعقوب عن تكذيب الصادق:
(مسألة): فإن قالوا: فما معنى قولهم ليعقوب (ع): (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) (1) وكيف يجوز أن ينسبوه إلى أنه لا يصدق الصادق ويكذبه؟.
(الجواب): إنهم لما علموا على مرور الأيام بشدة تهمة أبيهم لهم وخوفه على أخيهم منهم لما كان يظهر منهم من أمارات الحسد والمنافسة، أيقنوا بأنه (ع) يكذبهم فيما أخبروا به من أكل الذئب أخاهم، فقالوا له إنك