ومن ما لي عينيه من شئ غيره * إذا راح نحو الحمرة البيض كالدما أرادوكم من انسان قتيل.
وقال رجل من بجيلة:
كم من ضعيف العقل منتكث القوى * ما أن له نقض ولا إبرام أرادكم من انسان ضعيف العقل والقوى.
فإن قيل: لو كان الأمر على ما ذكرتم فلم قال الله تعالى: (فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين) فكيف قال نوح عليه السلام من بعد: (رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين) (1). قلنا ليس يمتنع أن يكون نوح (ع) نهي عن سؤال ما ليس له به علم، وإن لم يقع منه، وأن يكون هو (ع) تعوذ من ذلك، وإن لم يواقعه. ألا ترى أن نبينا صلى الله عليه وآله قد نهي عن الشرك والكفر، وإن لم يقعا منه، في قوله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك). وإنما سأل نوح عليه السلام نجاة ابنه باشتراط المصلحة لا على سبيل القطع. فلما بين الله تعالى أن المصلحة في غير نجاته، لم يكن ذلك خارجا عما تضمنه السؤال. فأما قوله تعالى: (إني أعظك أن تكون من الجاهلين)، فمعناه لئلا تكون منهم. ولا شك في أن وعظه تعالى هو الذي يصرفه عن الجهل وينزهه عن فعله. وهذا كله واضح.