تنزيه الأنبياء - الشريف المرتضى - الصفحة ٣٧
أهلي وإن وعدك الحق، ومعنى ذلك نجه كما نجيته. قلنا ليس يجب أن تكون الهاء في قوله إنه عمل غير صالح، راجعة إلى السؤال بل إلى الابن يكون تقدير الكلام: إن ابنك ذو عمل غير صالح، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ويشهد لصحة هذا التأويل، قول الخنساء (1):
ما أم سقب على بو (2) تطيف به * قد ساعدتها على التحنان أظئار ترتع ما رتعت حتى إذا ذكرت * فإنما هي إقبال وإدبار وإنما أراد أنها ذات إقبال وذات إدبار، وقد قال قوم في هذا الوجه: إن المعنى في قوله: إنه عمل غير صالح، أن أصله عمل غير صالح من حيث ولد على فراشه وليس بإبنه. وهذا جواب من يرى أنه لم يكن ابنه على الحقيقة. والذي اخترناه خلاف ذلك، وقد قرئت هذه الآية بنصب اللام وكسر الميم ونصب غير، ومع هذه القراءة لا شبهة في رجوع معنى الكلام إلى الابن دون سؤال نوح (ع)، وقد ضعف قوم هذه القراءة فقالوا: كان يجب أن يقول إنه عمل عملا غير صالح، لأن العرب لا تكاد تقول هو يعمل غير حسن، حتى يقولوا عملا غير حسن. وليس هذا الوجه بضعيف، لأن من مذهبهم الظاهر إقامة الصفة مقام الموصوف عند انكشاف المعنى وزوال اللبس. فيقول القائل: قد فعلت صوابا وقلت حسنا، بمعنى فعلت فعلا صوابا وقلت قولا حسنا. وقال عمر بن أبي ربيعة المخزومي (3)؟.
أيها القائل غير الصواب * أخر النصح واقلل عتابي وقال أيضا:
وكم من قتيل ما يباء به دم * ومن علق رهنا إذا لفه الدما (4)

(1) شاعرة عربية (575 - 664 ه‍) اشتهرت برثاء أخويها.
(2) هكذا وردت في الأصل ولعلها (بوق) كما يدل سياق المعنى.
(3) شاعر غزلي شهير (644 - 711 ه‍) تزهد في آخر حياته.
(4) ومن علق رهنا إذا ألفه غنما - خل.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست