فقال علي (عليه السلام): ليس لأحد فضل في هذا المال، وهذا كتاب الله بيننا وبينكم، ونبيكم محمد (صلى الله عليه وآله) وسيرته.
ثم صاح بأعلى صوته: يا معشر الأنصار، أتمنون علي بإسلامكم - قال أحمد: على الله بإسلامكم - بل لله ورسوله المن عليكم إن كنتم صادقين، أنا أبو الحسن القرم. ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد، وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما، ثم قال لهما: ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين، فما أنكرتم، أجور في؟ قالا: بلى. فقال: غير مجبرين ولا مقسورين، فأسلمتما لي بيعتكما، وأعطيتماني عهدكما؟ قالا: نعم. قال: فما دعاكما بعد إلى ما أرى؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على ألا تقضي الأمور ولا تقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كل أمر، ولا تستبد بذلك علينا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت، فأنت تقسم القسم وتقطع الأمر، وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا. حكم أو استئثار في فئ؟ قالا: لا. قال (عليه السلام): أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه؟ قالا: معاذ الله. قال (عليه السلام): فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي؟
قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفئ، جعلت حظنا في الإسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا، ممن هو لنا فئ، فسويت بيننا وبينهم.
فقال علي (عليه السلام): الله أكبر، اللهم إني أشهدك وأشهد من حضر عليهما، أما ما ذكرتما من الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فكرهت خلافكم، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمضيته، ولم أحتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن