وقت الاعتزال بأنه (أيام الهرج) و (عندما لا يأمن الرجل جليسه) انظر الفتح (13 / 31، 37، 43، 47) فكأنها تتحدث عن فترة القتال على الملك وما وقع بين بني أمية وابن الزبير مثلا أو ما وقع بين بني أمية وآل المهلب وما وقع بين بني أمية أنفسهم في آخر دولتهم وغير ذلك من الفتن التي كان القتال على الملك، وفي بعضها لم يكن للمسلمين إمام شرعي بل كانوا فرقا ليس فيها خليفة راشدي ولا بيعة شرعية لأهل الحل والعقد. كما أنه فات المؤلف أن عليا رضي الله عنه والصحابة الذين معه يروون أحاديث الفتن أيضا ويعرفونها ويوردون بجانبها أحاديث قتال الخوارج والمتأولين فليست أحاديث الفتن مما اختص بمعرفته المعتزلون، فالمقاتلون مع علي رضي الله عنه يعلمون أحاديث الفتن، لكنهم ينزلونها في مواطن غير تلك المواطن التي ينزلها فيها المعتزلون، ولا ريب أن رأي علي ومن معه أصوب وقد رجع بعض المعتزلين عن رأيهم، كما أنه من المعلوم أن أعلم الناس بالفتنة حذيفة بن اليمان وقد أوصى باتباع علي في (الفتنة) ولم يأمر (بالاعتزال).
فكان يقول (عليكم بالطائفة التي تدعو إلى أمر علي بن أبي طالب فإنها على الحق) رواه البزار وصححه الحافظ ابن حجر. وحذيفة أعلم بالفتن من المعتزلين بل هو أعلم الصحابة مطلقا بأخبار الفتن وما يجب فيها. إذن فالخلط في المسألة ليست من العلمية ولا الإنصاف ولا العدل ولا التجرد للحق. وكأن المؤلف يقلد في هذه المسألة بعض العلماء الذين رجحوا الاعتزال مع عدم دراسة الأدلة المخالفة إضافة إلى أنهم لم يناقشوا (نتائج الاعتزال). فلو اعتزل