فإنه سار حتى انتهى من عند الأقوام وسألهم من أنتم والى أين تريدون فقالوا نحن أصحاب عمر وبن معد يكرب الزبيدي وقد جئنا نجدة للاسلام وامتثالا لأمر النبي المفضال فلما سمع منهم ذلك رجع وهو مسرور وبشر الاسلام بذلك فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكرت معه المسلمين بالتهليل للقادمين وأشار عليهم بالنزول على جهة اليمين فنزلوا وأرادوا البراز وإذا بغيرة أخرى وكانت هذه الغبرة للمقداد بن الأسود في جماعة الرجال ولم يزالوا كذلك حتى تكاملت جيوش المسلمين وعساكر الموحدين فكانوا يزيدون عن مائة الف فارس وكان أول من فتح باب الحرب الأمير عمر بن معد يكرب الزبيدي وسار إلى أن توسط الميدان ونادى يا معشر الكفرة تريدون ان تتعرضوا لأهل دين الاسلام ومحاربة بدر التمام فبرز له واحد فجندله والثاني فخبله ولم يزل إلى أن انتصف النهار وقد قتل سبعين من الأشرار وهو يجول فهم كأنه أسد مغوار ولم يزل على ذلك إلى أن انقضى النهار فرجع النبي صلى الله عليه وسلم فشكره على ذلك الحال واما ما كان من أمر مخلوق فإنه لما رأى ولده أسيرا مزق أثوابه وامر أصحابه بالحملة فحملوا وحمل المسلمون واشتد القتال وصاح المسلمون الله أكبر وقد أنشد المسلمون هذه الأبيات ولام رأينا الصبر منا يعجل * صباحا إذا ما لاح كوكب مظلما * صبرنا وكن الصبر منا شجاعة * وأسيافنا تمتاز كفا ومعصما * تفلق في رأس الرجال جميعها * وكانوا هم حقا أحق واظلما * وأصبح رأس الغول يندب ابنه * ينادي با على صوته يا آل خثعما * فحملا على هذه الأغازي بجمعكم * والا فما هو غير موت فاعدما * (قال الراوي) ثم إن عمر بن معد يكرب حمل على المشركين حملة صادقة وصار يضرب وإذا به التقى بالامام علي رضي الله عنه وتقابلا في المعمعة فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة الحال وما فيه المسلمون من الكرب رفع وجهه إلى السماء وقال في دعائه اللهم يا عظيم العظماء يا باسط الأرض ورافع السماء أنت الذي علمت آدم الأسماء وخلقت الموجودات أسألك ان تنظر إلى المسلمين بعين البصر فإنهم عبادك المؤمنين قال ابن عباس فوالذي بعث محمدا بالحق ما تم دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هبط جبريل من السماء وهو
(٣١)