أميرها في شق الوحدة السياسية لأكثر من قبيلة واستقطابه عدد غير قليل من رؤساء القبائل. وأخيرا فان التزام مسلم بخط أخلاقي واضح، هو خط الثورة التي كان يبشر بها جاء في مصلحة ابن زياد الذي استغل الظروف بأسلوب مناقض تماما، في وقت كانت فيه المبادرة في يد مسلم، وكان بامكانه أن يبطش بعدوه (1) ولكن أخلاقيته واطمئنانه إلى موقف الكوفة دفعاه إلى إضاعة هذه الفرصة المهمة من يده.
وبذلك انطوت الصفحة الأولى من المأساة التي توجها الحسين بسقوطه في كربلاء دون أن تتم فصولا. وفي تلك الأثناء كان الحسين قد غادر الحجاز (في الثامن من ذي الحجة سنة 60 هجري) متجها إلى الكوفة ومعه نفر قليل من أهله الأقربين، وهو لا يعلم من تفاصيل ما جرى في المدينة سوى أخبار الثمانية عشر ألفا الذين بايعوا مسلما على الموت (2).
وقد يقول قائل أن خروجه تم قبل جلاء الصورة تماما في الكوفة، ولكن ألم تكن تكفي الاحتياطات التي اتخدها والضمانات التي حصل عليها؟. وهل كان بامكانه أن يسلك طريقا آخرا حينئذ طالما أصر