الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ١٣٧
الفارسية، وكانت آخر هذه الحروب المصيرية؟ تلك الحرب التي خاضها الفريقان في نينوى على ضفاف دجلة في ديسمبر عام 627 م.
* * * ولما لم يستطع كسرى أبرويز مقاومة سيل الروم، حاول الفرار من قصره الحبيب دستكرد، ولكن ثورة داخلية نشبت في الإمبراطورية، واعتقله ابنه شيرويه، وزج به في سجن داخل القصر الملكي، حيث لقي حتفه، لسوء الأحوال في اليوم الخامس من اعتقاله، وقد قتل ابنه شيرويه ثماني عشرة من أبناء أبيه (كسرى) أمام عينيه.
ولكن شيرويه هو الآخر لم يستطع أن يجلس على العرش أكثر من ثمانية أشهر، حيث قتله أحد أشقائه، وهكذا بدأ القتال داخل البيت الملكي، وتولى تسعة ملوك زمام الحكم في غضون أربعة أعوام. ولم يكن من الممكن، أو المعقول في هذه الأحوال السيئة، أن يواصل الفرس حربهم ضد الروم... فأرسل قباد الثاني ابن كسرى أبرويز الثاني يرجو الصلح، وأعلن تنازله عن الأراضي الرومية، كما أعاد الصليب المقدس، حيث كان يجر مركبته أربعة أفيال، واستقبله آلاف مؤلفة من الجماهير، خارج العاصمة، وفي أيديهم المشاعل وأغصان الزيتون (1)!!.
* * * وهكذا صدق ما تنبأ به القرآن الكريم عن غلبة الروم في مدته المقررة، أي في أقل من عشر سنين، كما هو المراد في لغة العرب من كلمة: بضع!.
وقد أبدى جبن حيرته واعجابه بهذه النبوءة، ولكنه كي يقلل من أهميتها ربطها برسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى.
يقول جين:
وعندما أتم الإمبراطور الفارسي نصره على الروم وصلته رسالة من مواطن خامل الذكر، من مكة دعاه إلى الايمان بمحمد، رسول الله، ولكنه رفض هذه الدعوة ومزق الرسالة، وعندما بلغ هذا الخبر رسول العرب، قال: سوف يمزق الله دولته تمزيقا، وسوف يقضي على قوته.
ومحمد، الذي جلس في الشرق على حاشية الامبراطوريتين العظيمتين، طار فرحا، مما سمع عن تصارع الامبراطوريتين وقتالهما، وجرؤ في ابان الفتوحات الفارسية وبلوغها القمة

(1) جين: ص؟ 64، ج؟ 5.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»