عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٧
ما خف عليهم من أمتعة رؤسائهم فكان القوي منهم يأخذ متاع رفيقه الضعيف ويأخذ دابته ويركبها وربما قتله واخذ دابته وساروا طالبين الوصول إلى السفائن بساحل البريك لأنهم كانوا اعدوا عدة مراكب بساحل البريك من باب الاحتياط ووقع في قلوبهم الرعب واعتقدوا أن القوم في اثرهم والحال انه لم يتبعهم أحد لأنهم لا يذهبون خلف المدبر ولو تبعوهم ما بقي منهم شخص واحد فكانوا يصرخون على القطائر فتأتي إليهم القطيرة وهى لا تسع الا القليل فيتكاثرون ويتزاحمون على النزول فيها فيصعد منهم الجماعة ويمنعون البواقي من اخوانهم فإن لم يمتنعوا مانعوهم بالبنادق والرصاص حتى كانوا من شدة حرصهم وخوفهم واستعجالهم على النزول في القطائر يخوضون في البحر إلى رقابهم وكأنما العفاريت في اثرهم تريد خطفهم وكثير من العسكر والخدم لما شاهدوا الازدحام على اسكلة البريك ذهبوا مشاة إلى ينبع البحر ووقع التشتيت في الدواب والاحمال والخلائق من الخدم وغيرهم ورجع طوسون باشا إلى ينبع البحر بعد أن تغيب يوما عن معسكره حتى أنهم ظنوا فقده ورجع أيضا المحروقي وديوان أفندي واستقروا بالينبع وترك المحروقي خيامه بما فيها فنزل بها طائفة من العسكر المنهزمين وهم على جهد من التعب والجوع فوجدوا بها المآكل والحلاوات وأنواع الملبسات والكعك المصنوع بالعجمية والسكر المكرر والغربيات والخشكنانكات والمربيات وأنواع الشرابات فوقعوا عليها اكلا ونهبا ولما تحققوا أن العرب لم تتبعهم ولم تأت في اثرهم أقاموا على ذلك يومين حتى استوفوا اغراضهم وشبعت بطونهم وارتاحت أبدانهم ثم لحقوا بإخوانهم فكانوا هم أثبت القوم واعقلهم ولو كان على غير قصد منهم فكان مدة إقامة المعسكر والعرضي بينبع البر أربعة وعشرين يوما واما الخيالة فإنهم اجتمعوا وساروا راجعين إلى المويلح وقد اجهدهم التعب وعدم الذخيرة والعليق حتى حكوا انهم كانوا قبل الواقعة يعلقون على الجمل بنصف قدح قمح مسوس وكانت
(٣٣٧)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، القتل (1)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»