واما من مات في هذه السنة ممن له ذكر فلم يمت من مشاهير الفقهاء من له شهرة ولا ذكر واما الامراء فقد تقدم ذكرهم وما وقع لهم ومقتلهم اجمالا فأغنى عن التكرار فالله يرحمنا أجمعين ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين والف وما تجدد بها من الحوادث فكان ابتداء المحرم بالرؤية يوم الخميس في عاشره وصل كثير من كبار العسكر الذين تخلفوا بالمويلح فحضر منهم حسين بك دالي باشا وغيره فوصلوا إلى قبة النصر جهة العادلية ودخلت عساكرهم المدينة شيئا فشيئا وهم في أسوأ حال من الجوع وتغير الألوان وكآبة المنظر والسحن ودوابهم وجمالهم في غاية العي ويدخلون إلى المدينة في كل يوم ثم دخل أكابرهم إلى بيوتهم وقد سخط عليهم الباشا ومنع أن لا يأتيه منهم أحد ولا يراه وكأنهم كانوا قادرين على النصرة والغلبة وفرطوا في ذلك ويلومنهم على الانهزام والرجوع وطفقوا يتهم بعضهم البعض في الانهزام فتقول الخيالة سبب هزيمتنا القرابة وتقول القرابة بالعكس ولقد قال لي بعض أكابرهم من الذين يدعون الصلاح والتورع اين لنا بالنصر وأكثر عساكرنا على غير الملة وفيهم من لا يتدين بدين ولا ينتحل مذهبا وصحبتنا صناديق المسكرات ولا يسمع في عرضينا اذان ولا تقام به فريضة ولا يخطر في بالهم ولا خاطرهم شعائر الدين والقوم إذا دخل الوقت اذن المؤذنون وينتظمون صفوفا خلف امام واحد بخشوع وخضوع وإذا حان وقت الصلاة والحرب قائمة اذن المؤذن وصلوا صلاة الخوف فتتقدم طائفة للحرب وتتأخر الأخرى للصلاة وعسكرنا يتعجبون من ذلك لأنهم لم يسمعوا به فضلا عن رؤيته وينادون في معسكرهم هلموا إلى حرب المشركين المحلقين الذقون المستبيحين الزنا واللواط الشاربين الخمور التاركين للصلاة والآكلين الربا القاتلين الأنفس المستحلين المحرمات وكشفوا عن كثير من قتلى العسكر فوجدوهم غلفا غير مختونين
(٣٤١)