عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٣٤٢
ولما وصلوا بدرا واستولوا عليها وعلى القرى والخيوف وبها خيار الناس وبها أهل العلم والصلحاء نهبوهم واخذوا نساءهم وبناتهم وأولادهم وكتبهم فكانوا يفعلون فيهم ويبيعونهم من بعضهم لبعض ويقولون هؤلاء الكفار الخوارج حتى اتفق أن بعض أهل بدر الصلحاء طلب من بعض العسكر زوجته فقال له حتى تبيت معي هذه الليلة وأعطيها لك من الغد وفيه خرج العسكر المجرد إلى السويس وكبيرهم بونا بارته الخازندار ليذهب لمحافظة الينبع صحبة طوسون باشا وفيه وصل جماعة من الانكليز وصحبتهم هدية إلى الباشا وفيها طيور ببغا هندية خضر الألوان وملونة وريالات فرانسة نقود معبأة في براميل وحديد وآلات ومجيئهم وحضورهم في طلب اخذ الغلال وفي كل يوم تساق المراكب المشحونة بالغلال إلى بحري وكلما وردت مراكب سيرت إلى بحري حتى شحت الغلال وغلا سعرها وارتفعت من السواحل والرقع ولا يكاد يباع الا مادون الويبة وكان سعر الأردب من أربعمائة نصف إلى ألف ومائتين والفول كذلك وربما كان سعره أزيد من القمح لقلته فإنه هاف زرعه في هذه السنة ولم يتحصل من رميه إلا نحو التقاوى وحصل للناس في هذه الأيام شدة بسبب ذلك ثم بعد قليل وردت غلال وانحلت الأسعار وتواجدت الغلال بالسواحل والرقع وفي منتصفه حضر رجل نصراني من جبل الدروز وتوصل إلى الباشا وعرفه انه يحسن الصناعة بدار الضرب ويوفر عليه كثيرا من المصاريف وأنها بها نحو الخمسمائة صانع وان يقوم بالعمل بأربعين شخصا لا غير وانه يصنع آلات وعدد الضرب القروش وغيرها ولا تحتاج إلى وقود نيران ولا كثير من العمل فصدق الباشا قوله أمر بأن يفرد له مكان ويضم اليه ما يحتاجه من الرجال والحدادين والصناع ليعمل لصناعته العدد والآلات التي يحتاجها وشرع في اشغاله واستمر على ذلك شهورا وفيه التفت الباشا إلى خدمة الضربخانة وافنديتها وطمعت نفسه في
(٣٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 ... » »»