عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٢ - الصفحة ١٨٧
وقل وجوده وخرج معظم الرعايا بالنبابيت والعصي والمساوق وجلس مشايخ العلماء بزاوية علي بك ببولاق يدعون ويبتهلون إلى الله بالنصر واقام غيرهم من الرعايا البعض بالبيوت والبعض بالزوايا والبعض بالخيام ومحصل الأمر أن جميع من بمصر من الرجال تحول إلى بولاق وأقام بها من حين نصب إبراهيم بك العرضي هناك إلى وقت الهزيمة سوى القليل من الناس الذي لا يجدون لهم مكانا ولا مأوى فيرجعون إلى بيوتهم يبيتون بها ثم يصيحون إلى بولاق وأرسل إبراهيم بك إلى العربان المجاورة لمصر ورسم لهم أن يكونوا في المقدمة بنواحي شبرا وما والاها وكذلك اجتمع عند مراد بك الكثير من عرب البحيرة والجيزة والصعيد والخبيرية والقيعان وأولاد علي والهنادي وغيرهم وفي كل يوم يتزايد الجمع ويعظم الهول ويضيق الحال بالفقراء الذين يحصلون أقواتهم يوما فيوما لتعطيل الأسباب واجتماع الناس كلهم في صعيد واحد وانقطعت الطرق وتعدى الناس بعضهم على بعض لعدم التفات الحكام واشتغالهم بما دهمهم وأما بلاد الأرياف فإنها قامت على ساق يقتل بعضهم بعضا وينهب بعضهم بعضا وكذلك العرب غارت على الأطراف والنواحي وصار قطر مصر من أوله إلى آخره في قتل ونهب وإخافة طريق وقيام شر وإغارة على الأموال وافساد المزارع وغير ذلك من أنواع الفساد الذي لا يحصى وطلب أمراء مصر التجار من الإفرنج بمصر فحبسوا بعضهم بالقلعة وبعضهم بأماكن الامراء وصاروا يفتشون في محلات الإفرنج على الأسلحة وغيرها وكذلك يفتشون بيوت النصارى الشوام والأقباط والاروام والكنائس والأديرة على الأسلحة والعامة لا ترضى الا ان يقتلوا النصارى واليهود فيمنعهم الحكام عنهم ولولا ذلك المنع لقتلتهم العامة وقت الفتنة ثم في كل يوم تكثر الإشاعة بقرب الفرنسيس إلى مصر وتختلف الناس في الجهة التي يقصدون المجيء منها فمنهم من يقول إنهم واصلون من البر الغربي ومنهم من يقول بل يأتون من الشرقي ومنهم من يقول بل يأتون من الجهتين هذا وليس لاحد من امراء العساكر همة ان يبعث جاسوسا أو طليعة تناوشهم بالقتال قبل
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»