دخولهم وقربهم ووصولهم إلى فناء المصر بل كل من إبراهيم بك ومراد بك جمع عسكره ومكث مكانه لا ينتقل عنه ينتظر ما يفعل بهم وليس ثم قلعة ولا حصن ولا معقل وهذا من سوء التدبير واهمال أمر العدو ولما كان يوم الجمعة سادس الشهر وصل الفرنسيس إلى الجسر الأسود وأصبح يوم السبت فوصلوا إلى أم دينار فعندها اجتمع العالم العظيم من الجند والرعايا والفلاحين المجاورة بلادهم لمصر ولكن الأجناد متنافرة قلوبهم منحلة عزائمهم مختلفة آراؤهم حريصون على حياتهم وتنعمهم ورفاهيتهم مختالون في رئيسهم مغترون بجمعهم محتقرون شأن عدوهم مرتبكون في رويتهم مغمورون في غفلتهم وهذا كله من أسباب ما وقع من خذلانهم وهزيمتهم وقد كان الظن بالفرنسيس ان يأتوا من البرين بل أشيع في عرضي إبراهيم بك انهم قادمون من الجهتين فلم يأتوا الا من البر الغربي ولما كان وقت القائلة ركب جماعة من العساكر التي بالبر الغربي وتقدموا إلى ناحية بشتيل بلد مجاورة لانبابة فتلاقوا مع مقدمة الفرنسيس فكروا عليهم بالخيول فضربهم الفرنسيس ببنادقهم المتتابعة الرمي وابلى الفريقان وقتل أيوب بك الدفتردار وعبد الله كاشف الجرف وعدة كثير من كشاف محمد بك الألفي ومماليكهم وتبعهم طابور من الإفرنج في نحو الستة آلاف وكبيره ويزه الذي ولى علي الصعيد بعد تملكهم وأما بونابارته الكبير فإنه لم يشاهد الواقعة بل حضر بعد الهزيمة وكان بعيدا عن هؤلاء بكثير ولما قرب طابور الفرنسيس من متاريس مراد بك ترامى الفريقان بالمدافع وكذلك العساكر المحاربون البحرية وحضر عدة وافرة من عساكر الارنؤد من دمياط وطلعوا إلى انبابة وانضموا إلى المشاة وقاتلوا معهم في المتاريس فلما غاين وسمع عسكر البر الشرقي القتال ضج العامة والغوغاء من الرعية واخلاط الناس بالصياح ورفع الأصوات بقولهم يا رب ويا لطيف ويا رجال الله ونحو ذلك وكأنهم يقاتلون ويحاربون بصياحهم وجلبتهم فكان
(١٨٨)